بقيادة خادم الحرمين الملك سلمان - حفظه الله - تخوض المملكة رحلة رؤية 2030 التي سوف تنقل المملكة من دولة نامية الى مصاف الدول المتقدمة، بناء على مؤشرات التقدم في اهداف هذه الرؤية مقارنة بمؤشرات الدول المتقدمة. فما هو وضعنا الحالي وماذا سيكون عليه مستقبلنا لنصبح دولة تنافس الدول المتقدمة على اداء مؤشراتها.
فقد قسمت الأمم المتحدة البلدان إلى فئتين رئيسيتين هما: البلدان المتقدمة والنامية على أساس تفوقها في المؤشرات الاقتصادية مثل الناتج المحلي الإجمالي، دخل الفرد، التصنيع، مستوى المعيشة، معدل البطالة، القطاع الخدمي، والاستخدام الافضل لعناصر الانتاج (رأس المال، العمل، الأرض، التنظيم والإدارة)، بينما البلدان النامية عكس ذلك ولكن هذا لا يعني ان لا تتفوق بعض البلدان النامية مثل المملكة في بعض هذه المؤشرات.
فالبلدان المتقدمة عامة تقدم بيئة صحية وآمنة للعيش فيها بحرية والتي تفتقر اليها البلدان النامية، وهذا ما سوف نلاحظه من مقارنة مؤشرات بعض الدول المتقدمة مع السعودية حتى نقيم حاضرنا ونقدر مستقبلنا.
ولتسهيل عملية المقارنة تم اختيار بريطانيا، فرنسا، ايطاليا واسبانيا مع الفارق في عدد سكانها الذي بلغ 64.6، 66.2، 60.8، 46.5 فرد في عام 2014 على التوالي، بينما عدد سكان المملكة بلغ 30.77 مليون فرد.
فنجد ان اجمالي الناتج المحلي بالأسعار الجارية لبريطانيا، فرنسا، ايطاليا، واسبانيا على النحو التالي: 2.8، 2.9،2.1، 1.4 تريليون دولار، بينما اجمالي الناتج المحلي السعودي بلغ 778 مليار دولار أي انها اقل من ايطاليا بنسبة 46%.
اما معدل النمو الحقيقي فان المملكة تتفوق على جميعهم، حيث بلغ معدل نموها 3.6% في عام 2014م ولكن التغير في هذا النمو للفرد تفوقت ابريطانيا واسبانيا بنسبة 2.3% و 1.7% على التوالي، بينما تفوقت المملكة على فرنسا وايطاليا بنسبة قدرها 1.3% (البنك الدولي).
ولكن من أبرز مؤشرات الاقتصاد العالمي مساهمة قطاعي الصناعة والخدمات في اجمالي الناتج المحلي العالمي، حيث ساهم قطاع الصناعة بنسبة 30.5% أو 23.86 تريليون دولار، بينما ساهم قطاع الخدمات وهو الاكبر بنسبة 63.5% أو 49.7 تريليون دولار في اجمال الناتج المحلي العالمي لعام 2014م.
أما مساهمة القطاع الصناعي في اجمالي الناتج المحلي البريطاني والفرنسي والايطالي والاسباني فعلى النحو التالي: 20.6%، 19.4%، 23.9%، 25.4% أو بقيمة 587، 563، 509، 356 دولار، بينما تفوقت مساهمة القطاع الصناعي السعودي بأكثر من الضعف على هذه الدول بنسبة 59.7% وبقيمة اعلى من اسبانيا بلغت 465 مليار دولار.
أما قطاع الخدمات فقد ساهم في اجمالي الناتج الاجمالي البريطاني، الفرنسي، الايطالي، والاسباني بالنسب التالية: 78.8%، 78.9%، 73.9%، 71.4% أو بقيمة 2.24، 2.29، 1.57، 1 تريليون دولار، بينما ساهم قطاع الخدمات في اجمالي الناتج المحلي السعودي فقط بنسبة 38.3% او بقيمة 298 مليار دولار أي بأقل من متوسط تلك الدول بنسبة 49.4%.
وبهذا يتضح لنا ان ضعف الاقتصاد السعودي يتركز بشكل رئيس في قطاع الخدمات الذي يعتبر المرحله الثالثة من المراحل الاقتصادية التي يمر بها أي اقتصاد بعد مرحلة الصناعة (The World Factbook، 14 يونيو 2015).
فهذه المؤشرات لم تغفلها رؤية المملكة 2030، بل انها ركزت على تنويع الاستثمارات والمحتوى الاقتصادي من خلال زيادة نسبة الصناعات المحلية في اجمالي الناتج المحلي ورفع مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة من 20% حاليا الى 70% في نهاية الرؤية وهذه النسبة مشابهة لنسب الدول المتقدمة، مما سوف يضاعف قيمة اجمالي الناتج المحلي وينقلنا من مرحلة الصناعة الى مرحلة الخدمات، اذا ما حققنا مساهمة لا تقل نسبتها عن 70% في اجمالي الناتج المحلي.
وأختم بقول جون كينز "الصعوبة لا تكمن في تطوير أفكار جديدة كما هو الحال في الهروب من الأفكار القديمة".