كل هذا الضجيج بخصوص اليورو !

 | 19 يونيو, 2018 08:38

لطالما قلنا أن الأسواق العالمية تحب دائماً أن تلفت الأنظار الى يومياتها , هذا ليس مهماً بل المهم فعلاً هل سيفيد هذا الضجيج بخصوص أي قرار في تغيير المسار أو الاتجاه العام لأي عملة أو أداة استثمارية ؟ لطالما كانت العملة الأوربية الموحدة اليورو مثار جدل , من أزمة اليونان وافلاس قبرص قبل أعوام قليلة الى البنك المركزي الأوربي وجدلية دراغي الاقتصادية السياسية حالياً . في معظم محطات البنوك المركزية الكبرى في العالم وخاصةً ( الفيدرالي الأمريكي , المركزي الأوربي وبنك انكلترا) هناك تشابه , الآليات والديناميكيات الرأسمالية السياسية تعيد نفسها مع بعض التغييرات الجانبية وفقاً لنمو الاقتصاد المتوقع.

احصل على التطبيق
انضم إلى ملايين المستخدمين الذين يحصلون على أحدث أنباء الأسواق بأقصى سرعة على Investing.com
حمل الآن


ان توقعات البنك المركزي الأوربي بعدم رفع الفائدة ( هي حالياً عند مستويات 0.0% ) قبل منتصف العام القادم كان مفاجئاً وغير متوقع, ولأن الرهان كان قوياً على ارتفاع اليورو حدث التراجع القاسي ووصل اليورو مجدداً الى مستويات 1.1540$ وهو المستوى الأَضعف في شهر لكنه الأدنى أيضاً منذ تموز 2017 الفائت . عندما يكون ماريو دراغي متساهلاً / dovish / اتجاه السياسة النقدية هذا لايعني أنه لايثق باقتصاد اليورو , بل على العكس يعني تحفظاً . هو لايريد أن يرمي كل أوراقه ويراهن عليها دفعةً واحدة , حتى دراغي يعرف أن الأرقام قد تتغر لاسيما أنه خفّض من توقعاته لنمو الاقتصاد الأوربي . علينا أن نفرق تماماً بين قوة الدولار الأمريكي وبين ضعف اليورو. اكتسب الدولار الأمريكي زخماً ممتازاً بعد الأرقام القوية للتضخم وانفاق المستهلكين الأمريكين وكذلك مبيعات التجزئة القوية في الأسبوع الفائت التي أتت أفضل من التوقعات عند 0.8% من 0.4% سابقاً خلال الشهر الفائت أيار 2018 . بالمقابل هذا التراجع القوي لليورو غير مرتبط حقيقةً بتغيير اقتصادي دراماتيكي في الأداء أو التوقعات على حد سواء, حيث مازلنا نعتقد بأنه حتى مع تخفيض توقعات النمو تبقى الأرقام منطقية ولاتثير زعراً أو تراجعاً في الثقة باليورو . هناك عاملين مهمين للغاية حالياً في اليورو.


أولاً , قيادة ميركل لألمانيا التي يبدو أنها تمر بمرحلة سياسية معقدة ( قد يتخلى عنها شركاؤها في الائتلاف الحاكم ) وهذا بالتأكيد سلبي لليورو حالياً.أنجيلا ميركل هي زعيمة منطقة اليورو والمدافع الشرس عن وحدتها السياسية والمالية,مع الانتباه أن المركزي الأوربي لايغير سياسته النقدية بسبب تغيير سياسي في أي دولة من منطقة اليورو. هذا العامل يعتبر عاملاً مهماً حالياً لكنه مؤقت.


ثانياً , علينا أن نقرأ التاريخ مجدداً لنتذكر جميعاً بأن الفرق الزمني بين التيسير الكمي الأوربي والأمريكي عدة سنوات, وعندما كان الاقتصاد الأمريكي يعطي اشارات نمو جيدة ويتعافي عندها فقط بدأ المركزي الأوربي بعمليات التيسير الضخمة بأكثر من 60$ مليار شهرياً في بداية 2015.لنتذكر جميعاً أن الفيدرالي الأمريكي لم يبدأ رفع أسعار الفائدة بقوة الا العام الفائت 2017(مرتين) وأخذ عامين منذ البدء بتخفيف شراء الأصول / tapering / حتى قرر رفع أسعار الفائدة التي مازالت عند 2% حالياً ,كما أن الفيدرالي أوضح في بيانه الأخير خلال الأسبوع الفائت أن السياسة المتكيفة باقية حالياً. لذلك مازلنا نعتقد بأن دورة /cycle/ قوة اليورو ماتزال في بدايتها آخذين بعين الاعتبار أن دراغي غير منزعج أصلاً من تراجع اليورو , بل على العكس لايريد يورو قوياً , بل اقتصاداً متعافى ونمواً تدريجياً.