ليست هذه السياسة عفوية !

 | 23 اكتوبر, 2018 09:41

ارتفع مؤشر الدولار الأمريكي لستة أيام خلال الأسبوع الأخير ليعود مجدداً الى مستويات 96.15 نقطة اليوم صباحاً وهو أعلى مستوى للدولار الأمريكي في شهرين . ويبدو واضحاً أن الكثير من اللغط السياسي لا يدفع المستثمرين للتخلي عن الدولار الأمريكي لسببين أساسيين :

أولاً , الثقة الكاملة بأداء الاقتصاد الأمريكي ومن خلفه الفيدرالي الأمريكي الذي اتخذ قراراً لن يغيره حالياً بالنسبة للاستمرار برفع الفائدة , الفائدة الأمريكية حالياً عند 2.25% .

ثانياً , بكل صراحة , لا يوجد بديل حالياً للأصول الأمريكية سواءً سندات , دولار الأمريكي وحتى مؤشرات الأسهم .لا تتحرك الأسواق العالمية بسرعة كبيرة أحياناً خاصة بوجود الكثير من عدم الاستقرار المخفي ولذلك إعادة التموضع بشراء أصول مختلفة في دول أخرى يأخذ وقتاً ليس بالقصير او لنقل بأن هذا التموضع يكون بطيئاً ولذلك لم نرى تصحيحاً قاسياً على مؤشر الدولار الأمريكي أو شراءً قوياً في سندات الخزينة الأمريكية حيث بقيت عوائد السندات الأمريكية لعشر سنوات قريبةً من 3.20% حالياً.

احصل على التطبيق
انضم إلى ملايين المستخدمين الذين يحصلون على أحدث أنباء الأسواق بأقصى سرعة على Investing.com
حمل الآن

قد لا يكون الرئيس الأمريكي مؤيداً بالكامل لسياسات الفيدرالي الأمريكي لأنه يقرأ أن الفائدة المرتفعة تضر بالاقتصاد الذي أساساً يعتمد على الاستهلاك الضخم وتمويل الأفراد ومستويات الائتمان المرتفعة , ولكن دعونا ننظر للمسألة من زاوية مختلفة. ان مزيداً من رفع الفائدة الأمريكية سيرفع من شهية المستثمرين العالميين بالأصول الأمريكية وهذا ليس سيئاً لإدارة ترامب . اذا استطاع ترامب ( وهو حالياً يستطيع الى حد ما ) أن يفرض تغييراً في التجارة الدولية لصالح بلاده وهو يراهن على ذلك عندها لن تكون قوة الدولار الأمريكي عاملاً سيئاً بالمطلق , بل سيفرض مزيداً من الرسوم على الدول الأخرى وهذا سيرفع من معدلات التضخم العالمية تدريجياً , ماذا يعني هذا ؟ يعني هذا أن الذهب سيستفيد تدريجياً ليس من التوتر التجاري كما يعتقد الكثيرون بل من الارتفاع التدريجي للتضخم العالمي , هذا من جهة . من جهة ثانية ’ الاقتصاديات الناشئة التي منيت عملاتها بخسائر قاسية ستجبر على البدء برفع العملة لعوامل سياسية واقتصادية هذا سيؤدي تدريجياً خلال عامين ربما الى رفع قيمة عملاتها مقابل الدولار الأمريكي وتراجع الدولار الأمريكي مجدداً , وهذا السيناريو ما يريده ترامب بالضبط.
اذا أخذنا بعين الاعتبار المعايير السياسية للإدارة الأمريكية في سياساتها الاقتصادية , سنجد أن ترامب لا يفكر بطريقة ضيقة أو قصيرة بل يخطط للأربع سنوات الأخرى من ولاية رئاسية قد تكون ثانية .