خسائر المؤشرات , بداية أم نهاية ؟

 | 18 ديسمبر, 2018 10:19

هذا السؤال الذي يسأله جميع المتابعين والمهتمين بالأسواق العالمية , هل انتهت موجة البيع أم أنها مجرد بداية لعمليات تصحيح قاسية أكثر قد تصل بالمؤشرات الأمريكية خصوصاً والعالمية عموماً الى مستويات الركود . والحق يقال أنه للإجابة عن هذا السؤال لابد لنا أن ندرك العوامل التي تدفع للتراجع أولاً , مع قناعتنا أنه ليس هناك من أحد من يقدر على الإجابة بشكل مطلق أو دقيق. خلال شهرين ونصف فقط , خسر داو جونز 3 ألاف نقطة من قيمته , تداعى من مستويات 26930 نقطة القياسية في بداية أكتوبر / تشرين الأول الفائت , ووصل اليوم الى 23690 نقطة ليكون بذلك قد تراجع 11% ليعود الى مستويات شهر أيار الماضي , وأدنى من المستويات التي بدأها هذا العام عندما بدأ عند مستويات 24770 نقطة في كانون الثاني من العام الجاري .

احصل على التطبيق
انضم إلى ملايين المستخدمين الذين يحصلون على أحدث أنباء الأسواق بأقصى سرعة على Investing.com
حمل الآن

فنياً وعلى المؤشر اليومي , تبقى إمكانية التراجع قائمة بقوة والوصل الى مستويات دعم مهمة عند 23300 نقطة , بينما يبدو المؤشر الساعي أكثر تماسكاً ولكن الاتجاه العام يبقى لصالح البيع . تشير الشموع اليابانية الشهرية الى بيع قاسي خلال الشهر الجاري منذ بدايته , زخم بيعي دون وجود توقف واضح حالياً , بينما كان الشراء للشهر الماضي ضعيفاً . الناحية الفنية تشكل جانباً واحداً , لا يشجع للرهان القوي للمدى المتوسط والبعيد , المضاربات اليومية قد تبقى قائمة ولكنها بمخاطر عالية . من الناحية الأساسية التي نفضلها , هناك عدة تفاصيل هامة لابد أن نشير اليها :

أولاً , يبدو أن الوقت قد حان لتستوعب الأسواق أن تشديد السياسة النقدية سيأتي وقت لدفعه. مع بداية العام الجاري , كانت التوقعات برفع الفائدة مجرد قراءات , الآن ومع أربع مرات لرفع الفائدة الأمريكية ( غالباً سيتم رفعها يوم غد بربع نقطة لتصبح أربع مرات ) ستصبح أسعار الفائدة الأمريكية الأعلى بين الاقتصاديات المتقدمة عند 2.50% , لن تكون لصالح المؤشرات الأمريكية كثيراً اذا ما تم مقارنتها مع الفائدة الأوربية 0.0% أو إنكلترا 0.75% .

ثانياً , تظهر المؤشرات حساسية عالية لأي ارقام اقتصادية ضعيفة. وهنا لا بد أن نوضح نقطة مهمة للغاية. الأرقام الاقتصادية السلبية قد تكون أحياناً لصالح الأسهم , لأن الأسواق تفهمها بشكل مغاير للنظرة العامة , حيث ترى فيها الأسواق فرصة أن يبقي الفيدرالي سياسته النقدية متكيفة وبالتالي هكذا سيناريو تدعم الأسهم . من ناحية عملية , السياسة المتكيفة غالباً ستبقى , ارتفاع الأسهم قد يكون اشكالياً خاصة اذا أعطى الاقتصاد الأمريكي مزيداً من الضعف في قطاعات حيوية كالإسكان والتصنيع.

ثالثاً , الدولار الضعيف متوقع أن يكون عنوناً عريضاً للعام القادم , نعتقد أنه جيد للأسهم ولكنه ليس كافياً لوحده. عوائد السندات الأمريكية التي تعكس قوة الدولار الأمريكي أو تراجعه ستتراجع أكثر وهذا قد لا يتم قراءته بشكل إيجابي .

قد لا تكون أكثر عمليات البيع قد انتهت حالياً , ولكن نعتقد أن المؤشرات الأوربية قد تكون أكثر استقراراً وأقل مخاطرة من الأمريكية خاصةً أن المركزي الأوربي لن يرفع الفائدة بسرعة حالياً. ان تراجع حدة التوترات التجارية لن تكون فقط لصالح المؤشرات الأمريكية بل أيضاً الأوربية . الاستثمار بالمؤشرات عادةً ما يكون أداة استثمارية للمدى المتوسط والطويل وليس لعدة أيام أو أسابيع فقط, لذلك فان الشراء بعد هذه التراجعات القاسية ( أكثر من 10% ) سيكون خياراً متوقعاً من قبل الكثيرين.