الأرقام الاقتصادية ستحكم تدريجياً

 | 22 يناير, 2019 10:19

قد يكون من الصعب على أي خبير أو اقتصادي كبير في العالم مهما بلغ من العلم والخبرة أن يتوقع متى تحدث بالضبط الأزمة المالية التالية. الكثير من الاقتصاديين يحذر كما فعلوا سابقاً ,هناك من ينصت وهناك من يعيش حالة من الانكار بأن أداء المؤشرات العالمية ووصولها الى مستويات عالية والتزام البنوك المركزية بدعم الاقتصاد المتباطئ سيكون المنقذ النهائي.

لابد أن نوضح نقطةً هامة جداً كنت قد سمعتها يوم أمس بأنه كلما كانت الأرقام الاقتصادية الصينية متراجعة وسلبية كلما كان بنك الشعب الصيني ملتزماً أكثر بدعم الاقتصاد بسياسة نقدية متساهلة . قد يكون هذا الكلام صحيح نظرياً ولكن حذار من أن هذا الافتراض تبسيط للمشكلة الحقيقة التي تبدو أمامنا واضحةً : ديون ترتفع للسماء , واصلاحات نقدية بنيوية غائبة تماماً. لا يمكن لأي صانع سياسة نقدية حسب اعتقادنا أن يغامر ويضع الاقتصاد على حافة الانهيار من خلال دعم الاقتصاد بسياسة متساهلة بينما يتراجع النمو وترتفع الديون لمستويات قياسية. لابد أن نقرأ التاريخ لنعرف أن بنك اليابان مثلاً صار له أكثر من عقدين وهو يمارس سياسة نقدية متساهلة وأسعار فائدة متدنية دون الصفر -0.10% في وقت لم يحقق فيه الاقتصاد نمواً مستداماً بل انكمش مثلاً في الربع الثالث من العام الفائت . الأمثلة كثيرة , ولذلك حسب اعتقادنا ستكون الأسواق مجبرة للعودة الى الأرقام الاقتصادية الواقعية أكثر من السياسات النقدية التي لا تجدي أحياناً.

احصل على التطبيق
انضم إلى ملايين المستخدمين الذين يحصلون على أحدث أنباء الأسواق بأقصى سرعة على Investing.com
حمل الآن

ستكون أرقام مبيعات المنازل الأمريكية القائمة في وقت لاحق من اليوم مهمةً وهي لشهر ديسمبر / كانون الأول الفائت , يبقى سوق الإسكان المعيار الأول لحساسية سعر الفائدة المرتفع وتراجع مستويات النقد الرخيص تدريجياً لأن الكتلة النقدية ( الكاش ) تكون الأكبر في سوق المنازل اكثر من بقية القطاعات . لا نتوقع تراجعاً قاسياً ولكن سوق الإسكان تقلباته ثقيلة والاشارات لضعفه تكون تدريجية. التراجع المستمر سيكون سلبياً لمؤشر الدولار الأمريكي الذي يتداول حالياً عند مستويات 96.35 نقطة دون تغيير يذكر.
كانت الأخبار الواردة من الصين وأمريكا في الأسابيع القليلة الماضية إيجابية ولكن التصريحات المستمرة لمسؤولي البيت الأبيض تشير بوضوح الى أن الشيطان يكمن في التفاصيل وبالتالي قد يكون الاتفاق مجرد حبر على ورق مع قناعتنا أن الطرفين يمتلكان براجماتية الى أبعد الحدود . هناك إمكانية لاحتمالين مهمين جداً:

أولاً , التوصل الى اتفاق تجاري جيد , سترتفع الأسواق مجدداً , يتراجع الدولار الأمريكي ويرتفع اليوان ( نسبة غير عالية) لكنها كافية لتسكت ترامب بشأن سعر الصرف .

ثانياً , المزيد من إضاعة الوقت , سيترتب عليها مزيد من التراجع في عوائد السندات الأمريكية وخاصة 10 سنوات التي هي حالياً عند 2.76% حيث تحسنت قليلاً في الأسبوعين الأخيرين من مستويات 2.54% التي وصلتها في بداية العام الحالي .

في جميع الحالات , لا نتوقع دولاراً قوياً بل على العكس , تراجع تدريجي عن قصد لأنه حتى الصينين يرغبون في مساعدة ترامب للتوصل الى اتفاق وليس كما يريد الاعلام أن يظهر أن العداء عميق لا يمكن حله . لا نشجع على شراء المؤشرات الأمريكية حالياً, بينما يبقى خيار شراء الذهب جيداً وكما قلما أن التصحيح ان حدث لن يكون قاسياً, الذهب حالياً عند 1280$ للأونصة.