قوة الملاذات الآمنة ..

 | 23 يناير, 2019 10:33

من غير المتوقع أن ينجح مؤتمر دافوس للاقتصاد العالمي المنعقد حالياً في سويسرا في احداث التغيير الجذري للاقتصاد العالمي . كان صندوق النقد الدولي قد أشار يوم أمس في توقعاته الى أن الاقتصاد العالمي بشكل عام سيكون أمام تراجع في النمو خلال العامين القادمين , الاقتصاديات المتقدمة والناشئة وغيرها وهذا بالتأكيد إشارة غير إيجابية . قد يكون صندوق النقد الدولي غير مصيب في كثير من توقعاته كما أثبتت الأحداث ولكن من المهم القول أن الاقتصاد العالمي لا يبدو حقيقةً في وضع يسمح له بتحقيق نمو قوي خلال العامين القادمين . السؤال ماذا يهمنا في هذا الموضوع كله , وكيف سيؤثر في قرارنا بالبيع أو الشراء ؟

احصل على التطبيق
انضم إلى ملايين المستخدمين الذين يحصلون على أحدث أنباء الأسواق بأقصى سرعة على Investing.com
حمل الآن

باعتقادنا أن التأثير الأكبر سيكون من خلال انعكاسات هذا التراجع على السياسات النقدية للبنوك المركزية الكبرى في العالم . سيكون من غير المنطقي ان نستمر بترديد فكرة أن التراجع يعني التزام البنوك المركزية بسياسات نقدية تسهيلية , قد يكون هذا صحيح ولكن هذا بالتأكيد نتيجة وليست الفعل الحقيقي كما أن هذا العمل ان حدث لا يعتبر إشارة جيدة لأن معناه ببساطة أنه لا يوجد أفق حقيقي ولا حتى قدرة لرفع الفائدة الى ما كانت عليه قبل سنوات الأزمة المالية العالمية 2008 . باعتقادنا أن معدلات الفائدة المتدنية القريبة من الصفر ستستمر الى أجل غير مسمى وهي ستشكل من جديد السياسة العادية التقليدية للبنوك المركزية. مع كل هذا الزخم ومعدلات التضخم الجيدة وسوق العمل الأمريكي الممتاز ومع ذلك بقيت الفائدة عند 2.5% حالياً وبالتالي ماذا سيحصل اذا بدأ هذا التراجع خلال الأشهر القادمة ؟ فقط للإشارة أن أسعار الفائدة الأمريكية قبل الأزمة العالمية بعام 2008 وصلت الى مستويات 5% وهنا نعتقد أن ديناميكيات الاقتصاد العالمي والتغيير الديموغرافي ومستويات الإنتاجية وصعود قوى اقتصادية جديدة والسياسات الحمائية الداخلية كلها ستجعل من مستويات الفائدة المرتفعة أمراً من الماضي .

في هكذا بيئة استثمارية صعبة وفيها الكثير من التحديات , سيكو ن الرهان على العملات الأكثر أماناً احدى خياراتنا المفضلة. الين الياباني كان ومازال خياراً مهماً وخاصةً مقابل الدولار الأمريكي وكذلك مقال الأسترالي . قبل عام من الآن كان الدولار أمريكي / ين يتداول عند 111.30 واليوم عند مستويات 109.66 . قبل أربع أشهر وصل الى 114.58 عندما كان الدولار الأمريكي في أوج قوته. هناك عدة عوامل ستحدد مسار الين , مع اعتقادنا أن الين سيصل مجدداً الى 106.15 ثم 104.65 كمستويات دعم مهمة .

أولاً , الاتفاق التجاري الأمريكي – الصيني سيريح مؤشرات الأسهم , قد يتراجع الين خلال الربع الأول خاصةً اذا كان الاتفاق ايجابياً ولكننا نعتقد أن الأسواق تبالغ في قراءتها للتأثيرات الإيجابية لهكذا اتفاق .

ثانياً , لن يغير بنك اليابان من سياسته النقدية الحالية , سيحافظ على مستويات فائدة متدنية -0.10% لأن تراجع الاقتصاد العالمي سيضغط عليه أكثر وعندها ستتراجع عوائد السندات الحكومية اليابانية التي سترفع الين مجدداً.

ثالثاً , كان الاقتصاد الياباني في حالة ركود في الربع الثالث من العام الماضي , قد يكون مبكراً الكلام عن ركود كامل ( بحاجة الى ثلاثة أرباع متتالية ) ولكن هكذا أرقام بالتأكيد ستضغط على مؤشر نيكي الياباني ويتراجع وعندها سيكون الين ملاذاً آمناً للمستثمرين.

رابعاً , عوائد السندات الأمريكية لعشر سنوات التي تراجعت خلال الشهرين الأخيرين , والتي من المتوقع أن تستمر بالتراجع في ظل حالة عدم اليقين للاقتصاد العالمي ككل والأمريكي بشكل خاص , هذا سيكون لصالح المزيد من ضعف الدولار الأمريكي مقابل الين. هذا الكلام لا يستهدف مضاربات يومية , بل بناء مراكز متواضعة وانكشاف بسيط تدريجي من المستويات الحالية .