رسائل متناقضة

 | 25 يناير, 2019 10:50

يبدو أن الكثير مما يجري في هذا العالم سياسياً واقتصادياً يحمل الكثير من التناقضات . في تقريره الصادر قبل عدة أيام , أشار صندوق النقد الدولي الى أن نمو الاقتصاد العالمي سيتراجع خلال العام الجاري , وفي كلام الكثيرين من صناع السياسة النقدية والاقتصادية لهجة التحذير من أن العالم قادم بلا شك الى ركود محتمل سيبدأ من أمريكا ’ السؤال الباقي هو متى سيحدث هذا الركود ؟

هذه التحذيرات والاشارات لايبدو أن الأسواق تلقي الكثير من الأهمية لها , وباعتقادنا أن السبب الرئيسي لعدم التراجع القاسي للمؤشرات العالمية حالياً هو أن هناك قناعة بأن البنوك المركزية الكبرى في العالم ستكون جاهزة لدعم وانقاذ الاقتصاد من خلال أسعار فائدة متدنية تاريخياً كما هي الآن , ودعم مستويات السيولة التي قد تتراجع لاحقاً, وبالتالي ستكون النتيجة ارتفاع مؤشرات الأسهم أو على الأقل لايحدث تصحيح قاسي يتجاوز 5 % الى 10% . باعتقادنا أن السوق هو من سيقود البنوك المركزية وليس العكس كما كان سابقاً عندما كان البنك المركزي هو من يحدد الاتجاه وليس السوق . لنركز على نقطة مهمة , مزيد من المخاوف والهوس بموضوع الركود سيجعل من التقلبات ضعيفة , كما سيبقي أسعار الفائدة كما هي لوقت طويل. ان رفع أسعار الفائدة بربع نقطة مئوية لن يشكل تحدي كبير لمستويات السيولة كما أن الاقتصاد العالمي لن يدخل في ركود ( ان حدث ) بسبب هكذا نسبة متواضعة.

احصل على التطبيق
انضم إلى ملايين المستخدمين الذين يحصلون على أحدث أنباء الأسواق بأقصى سرعة على Investing.com
حمل الآن

أظهر الدولار الأمريكي نسبة جيدة من الاستقرار حالياً وهذا كان مرتبطاً برفع الفائدة خلال الشهر الأخير من العام الفائت , بينما يبدو أن الأسواق تتجاهل حالياً عجز الميزان التجاري الأمريكي وعجز الحساب الجاري وهذا باعتقادنا قد لا يتغير خلال المرحلة القادمة ليكون بذلك عاملاً مهماً في ضعف الدولار الأمريكي تدريجياً. في نفس الوقت , أظهر الجنيه الاسترليني منذ بداية العام الحالي أداءً ملفتاً , ارتفع بأكثر من 600 نقطة من مستويات 1.2475$ في الثاني من الشهر الجاري بعد تراجع قوي ليصل اليوم الى مستويات 1.3112$ أعلى مستوياته في شهرين ونصف . هكذا تداولات تشير الى أن ايقاع الباوند يمشي حسب ايقاع مفاوضات البريكزت , كانت أخبار واردة اليوم من ايرلندا الشمالية تقول أن هناك دعم لتيريزا ماي واتفاقيتها . ان أي خبر سلبي بما يخص المفاوضات أو تيريزا ماي سيطيح بمكاسب الباوند. لكن ما زلنا نعتقد أن البراجماتية السياسية ستفرض شروطها على الطرفين الأوربي والبريطاني , وعندها سيبدأ الجنيه الاسترليني بالارتفاع التدريجي . أشرنا قبل شهرين الى أن شراء الباوند تدريجياً وانكشاف بسيط للمخاطر سيكون جيداً وما زلنا نعتقد بنفس السيناريو.