المقال مترجم من اللغة الإنجليزية بتاريخ 22/3/2019
وصلت ماي لبروكسل دون خطة بديلة، لذلك وضع الاتحاد الأوروبي لها خطة بديلة، وأرسلها إلى لندن.
تمدد خطة الاتحاد الأوروبي الموعد النهائي للخروج لعدة أسابيع ثمينة، وذلك حتى تتجنب الأطراف الخروج دون اتفاقات انتقالية. بيد أن هذا الاتفاق ليس كافيًا في نظر البرلمان البريطاني لإنهاء المأزق الذي وقع فيه أعضاؤه. وبالتالي، في المشهد الحالي، الخروج دون اتفاق ليس هو الناتج القانوني عمّا يحدث، ولكن الاحتمالية الأكبر تصب لصالحه.
أو على الأقل هذا ما فهمته سوق تداول الأوراق المالية الأجنبية. خسر الجنيه الاسترليني أكثر من 2 سنت أمام الدولار، لدى عودة ماي من بروكسل. ورغم ذلك تعافى الاسترليني مستردًا أكثر من نصف تلك الخسائر، ليقف عند سعر 1.3125 دولار، في تمام الساعة الثامنة مساءًا بتوقيت المنطقة الشرقية (00:00 بتوقيت غرينتش).
غادرت ماي بروكسل وهي معلقة بالخطة الرئيسية للخروج: فترغب ماي في التصويت مرة ثالثة على نفس اتفاق الخروج، الذي رفضه أعضاء البرلمان في المرتين السابقتين، وتعرضه ماي للتصويت خلال الأسبوع القادم. ولكن فشلت مساعي ماي، إذا قام المتحدث باسم مجلس العموم، الذي يحدد كيفية القيام بالإجراءات، باستبعاد احتمالية طرح هذا الاتفاق مرة ثالثة، وقال إن الحكومة لا تستطيع أن تعرض نفس الأمر مرتين في جلسة برلمانية واحدة، إلا إذا أدخلت عليه تغييرات جوهرية.
وما حدث يوم الخميس لم يغير أي بند في الاتفاق الذي عقدته ماي مع الاتحاد قيد أنملة. طلبت ماي من الاتحاد الأوروبي التمديد ثلاثة أشهر من بعد تاريخ الموعد النهائي في 29 مارس. في النهاية، منحها الاتحاد الأوروبي مدة إضافية تنتهي بنهاية الأسبوع القادم، وذلك لتحصل على موافقة البرلمان على الاتفاق بصورته الحالية. وإذا نجحت ماي في جمع نسبة كافية من الأصوات، عندها ستغادر المملكة المتحدة الاتحاد الأوروبي في 22 مايو، قبل يوم واحد من انعقاد انتخابات البرلمان الأوروبي. ولو فشلت، ستغادر المملكة المتحدة الاتحاد الأوروبي دون اتفاق في 12 أبريل، ويصاحب هذا تغيير سياسي في ويستمنتسر.
وأشار رئيس المجلس الأوروبي، دونالد توسك، في مؤتمر صحفي بعد القمة أن الخيارات الأخرى ما زالت متاحة، خيارات مثل: حصول المملكة المتحدة على فترة تمديد أطول، ولكن على المملكة حينها الموافقة على انعقاد انتخابات برلمان الاتحاد الأوروبي. ولا يرضي هذا الحل أي من الاحزاب البريطانية، الذين انكبوا على التأكيد لجماهيرهم خلال السنوات الثلاث الماضية أنهم سيضعون نتائج استفتاء 2016 نصب أعينهم، و"سيحققون خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي."
عوضًا عن اللجوء لفترة التمديد القصيرة تلك، يمكن أن توقف المملكة المتحدة العمل بالمادة 50، وبذلك تسحب قرار الخروج رسميًا. ولا يحتمل أن يقبل البرلمان لا بإيقاف المادة 50، ولا المشاركة في الانتخابات الأوروبية. وظهرت عريضة على شبكة الإنترنت وقع عليها 2 مليون بريطاني خلال يومين، لإيقاف العمل بالمادة 50، ولكن ما زال هذا أقل كثيرًا من عدد الأصوات التي صوتت لصالح الخروج، 18 مليون صوت.
وليس أمام ماي سوى طرح اتفاق الطلاق على البرلمان مرة أخرى، لتجنب الخروج دون اتفاق. ولكن حتى في هذا الحل يوجد عدد كبير من المخاطرة، منها: لم يحدد المتحدث، بيركو، التغييرات الجوهرية التي تتيح لماي طرح الاتفاق للمرة الثالثة، وبالنسبة لصانعي السياسة من المعارضة، فهم لا يستطيعون الوصول لاتفاق حول شكل الخروج الذي يرغبون فيه، في حال أتيحت لهم الفرصة.
وبينما كانت ماي في بروكسل، أخذ كبار المُوظِفين ومنظمات الاتحاد العمالي خطوة غير مسبوقة، بإصدارهم بيان مشترك يرجون فيه ماي تجنب الخروج دون اتفاق.
وفي رسالة مفتوحة كتبت كونفدرالية الصناعة البريطانية، وكونجرس اتحاد التجارة: "تواجه بلدنا حالة طوارئ." وحذروا:
"تسبب القرارات المتخذة في الأيام الماضية في رفع مخاطرة الخروج دون اتفاق. ولا الشركات ولا مجتمعات العمل في عموم المملكة المتحدة مستعدة لمثل هذا الناتج. (وإذا وقع)، ستكون صدمة لمجتمعنا تستمر لأجيال قادمة."
والحل الوحيد المناسب لهذا الموقف، رغم إثارته حفيظة طالبي الخروج، هو تمرير البرلمان لاتفاق الخروج شريطة حصولهم على تأكيد ثانٍ من الشعب باستفتاء جديد، وبذلك تصوّت 3 جهات على الاتفاق الذي ويطرح أيضًا خيار البقاء في الاتحاد الأوروبي، والخروج دون اتفاق.
أدخل عضوان من حزب العمال تلك التعديلات منذ أسبوعين، ولكنها لم تحدث أي أثر بسبب المعارضة من طرف ماي، ومن طرف جيرمي كوربين، زعيم حزب العمال. ولكن، سيكون مقنعًا، لو تمكن القائدان من الوصول إلى اتفاق حول تلك التعديلات، لتجنب عواقب الخروج دون اتفاق.
والسؤال هنا ليس حول ذكاء القادة البريطانيين، وقدرتهم على إيجاد مخرج من هذه الأزمة، ولكن السؤال حول إرادتهم. والإشارات الآن يمكن وصفها بأي شيء، إلا أنها مشجعة.