ليس كل ما يقال دقيقاً !!

 | 04 ابريل, 2019 14:13

لا أحد بكل بساطة يمكنه أن يتوقع حدوث ركود اقتصادي أمريكي بين ليلة وضحاها أو حتى خلال شهر واحد أو شهرين. التعبير الأمثل للأرقام الاقتصادية الأمريكية قد يكون كلمة واحدة ( محيرة أو مربكة ) . والحق يقال أننا لا نريد أن نقنع القراء بأن ما يقال حالياً صحيح مئة بالمئة , حتى لو كانت عوائد السندات الأمريكية لعشر سنوات تراجعت الى ما دون العوائد لثلاثة أشهر والتي تعتبر تاريخياً مؤشراً للركود الاقتصادي . الأسباب الرئيسية التي تقف خلف نظرتنا الحالية لها جوانب متعددة :

أولاً , ان تراجع العوائد لم يكن فقط بسبب التوقعات بالركود بل كان نتيجة متوقعة لسياسة الفيدرالي الأمريكي المتكيفة ونظرته السلبية المشككة الى حد ما بمستقبل رفع الفائدة خلال العام الحالي والأعوام القادمة .

احصل على التطبيق
انضم إلى ملايين المستخدمين الذين يحصلون على أحدث أنباء الأسواق بأقصى سرعة على Investing.com
حمل الآن

ثانياً , عندما كانت العوائد قريبةً من 3% لسندات الخزينة الأمريكية لعشر سنوات , قلنا أن بيع العوائد سيكون مهماً للغاية بمعنى شراء السندات من مستويات رخيصة . هذا التراجع للعوائد يرتبط بديناميكيات سوق السندات الأمريكي الأهم والأكبر في العالم.

ثالثاً , لا يوجد بديل حقيقي للسندات الأمريكية المقومة بالدولار الأمريكي بين الاقتصاديات المتقدمة ان كان من ناحية سيولتها وان كان من ناحية عوائدها التي تعتبر الأعلى بين الاقتصاديات المتقدمة .

رابعاً , يدرك كبار مدراء التحوط في العالم أن الدولار الأمريكي القوي مؤذي لأمريكا وخاصة لديونها , وارتفاع العوائد الأمريكية تدريجياً سيرفع من فاتورة الفوائد على هذه الديون التي تدفعها وزارة الخزانة الأمريكية كل عام والتي كانت قريبةً من 500$ مليار سنوياً ومتوقع أن تصل الى 1$ تريليون خلال عامين خاصة اذا بقي مسار الفائدة في ارتفاع . ان التراجع في هذه العوائد يعكس مثل هذه السياسات التي لا تشجع على فوائد مرتفعة حالياً , علماً أننا لا نتوقع دولاراً امريكياً قوياً للأشهر القادمة .

خامساً , يجب التفكير ملياً بالأرقام الأمريكية الاقتصادية قبل القول بأن الركود قادم. أرقام الاقتصاد الأمريكي بالنسبة لسوق العمل , والتصنيع ومعدلات الأجور وثقة المستهلكين وقطاع الإسكان تبدو جداً منطقية ولم يصل التراجع بعد الى مرحلة خطيرة ( هذا مثلاً لا ينطبق على منطقة اليورو ). ما يهمنا أكثر أن التراجع سيكون تدريجياً ولذلك قد لا نرى ركوداً خلال العام الجاري 2019 , وبعد الربع الأول من العام القادم قد يكون كلاماً مختلفاً.

استقرار الذهب عند المستويات الحالية 1290$ للأونصة بعد التراجع من 1320$ خلال الأسبوع الفائت يعكس حقيقةً أن الدولار الأمريكي لم يباع بطريقة قاسية ’ حيث بقي مؤشر الدولار الأمريكي عند 96.75 نقطة اليوم في آسيا . ستكون أرقام الوظائف الأمريكية للقطاع غير الزراعي هي الأهم يوم غد لأنها ستحدد اتجاه الذهب . التراجع القاسي الى 20 الف وظيفة خلال شهر شباط قد يؤدي منطقياً الى الارتفاع في شهر آذار الفائت حيث تشير التوقعات الى 180 ألف وظيفة . طالما أن الوظائف تبقى فوق 150 ألف وظيفة هذا يعني أن الذهب لن يرتفع بقوة . لكن التراجع دون 120 ألف سيكون احتفالاً للذهب. الذهب مرتفع اليوم بنسبة 0.11% يتداول عند 1293.60 للأونصة , وحتى لو تراجع يبقى خيار الشراء من مستويات أدنى مهماً . لا نركز كثيراً على فكرة بيع الذهب خاصةً للمستثمر المتوسط الأجل . المخطط البياني يوضح أن تراجع الوظائف الأمريكية لا يعني بالضرورة تراجع الذهب في كل الأحيان , بينما يشير المخط الثاني الى أن مزيداً من ارتفاع العوائد ليس في صالح الذهب .