لماذا ستحمل تطورات "الإتفاق" التجاري مزيداً من القوة للمعادن الثمينة والين؟

 | 08 نوفمبر, 2019 12:40

ردة فعل أسواق الاسهم الأمريكية توحي بأن انتصاراً غير مسبوق حققه ترامب على صعيد الخلاف التجاري مع الصين,,,هذا ما يسوقه ترامب بطريقته الاستعراضية وهذا ما حاولت أن تروج له بعض التحليلات و لكن في الواقع:
- لا يوجد عملياً أي اتفاق ملموس ذو بنود فاعلة أو تحمل بالفعل منفعه اقتصادية متوسطة أو طويلة الأجل للولايات المتحدة الأمريكية، و استيراد الصين لفول الصويا و الدجاج وبعض المشتقات الحيوانية ليس انتصاراً يستأهل أن ينشب بسببه خلاف لمدة سنتين لم و لن يحقق أي نفع (بل سبب ضرراً) للمزارعين الأمريكيين.

- كل المعلومات المتعلقة بمستجدات الخلاف التجاري التي يتم تداولها تتعرض للنفي في أغلبها من الطرف الآخر و هذا يدل على محاولة واضحة للاستمرار في حالة ال manipulation لدفع أسواق الأسهم لتحقيق مزيد من الارتفاعات و التركيز على المستويات التاريخية التي حققتها أسواق الأسهم الامريكية في عهد ترامب و القائمة على synthetic factors و تحفيز العوامل النفسية في الأسواق و تحييد الأنظار عن النتائج الاقتصادية الغعلية و المؤثرة و التي لا تتناسب مع حجم الأداء الاقتصادي المُعلن, و الأكيد أنها تهدف لتحقيق مكسب سياسي ولو أنه فارغ المضمون قبل الانتخابات الرئاسية.

احصل على التطبيق
انضم إلى ملايين المستخدمين الذين يحصلون على أحدث أنباء الأسواق بأقصى سرعة على Investing.com
حمل الآن

- لم نشاهد تفاصيل "الاتفاقية" و التي لم يتم التوقيع عليها لغاية اللحظة, بل كل ما يصلنا هو عبارة عن كرات ساخنة يتقاذفها الطرفان.

- بعيداً عن محاولة تحييد الانظار باتجاه فول الصويا والدجاج و غيرها من الصادرات الحيوانية فإننا لم نسمع عن أي تقدم في نقاط الخلاف الرئيسية مثل ال intellectual rights أو الصادارات الصناعية.

و لكن كيف لنا أن نرى المشهد بصورة حيادية و علمية من المنظور الاقتصادي بعيداً كل البعد عن تفاعلات الأسواق و التصريحات و التصريحات المضادة و كل هذه العشوائية:

1- توقعات نمو ال GDP الصادرة في 5 نوفمبر الجاري حسب تقديرات Atlanta's Fed هي 1% معدلة من التقديرات السابقة عند 1.1%.
2- ترامب كان يَعدُ في حملته الانتخابية 2016 بمسح العجز الفيدرالي, ولكن في واقع الأمر فإن سياسة ترامب الإقتصادية والقائمة على منطق ال voodoo economics كما ذكرنا في عده مقالات سابقة قد رفعت العجز إلى 984 مليار دولار.
3- انتفاخ رسملة أسواق الاسهم الامريكية بما يعادل 145% من ال GDP للولايات المتحدة الأمريكية, فهل يستطيع هذا الأداء المتواضع للمؤشرات الاقتصادية الحيوية أن يجاري حالة النشوة المفرطة لو أخذنا بعين الاعتبار معايير cost-benefit analysis و حجم المخاطرة للعوائد المتوقعه, و هل ستتماشى ربحية اسواق الأسهم مع ضخامة حجم رسملة السوق؟ الجواب من وجهة نظري هو "لا".
4- يميل أداء المؤشرات الصناعية في الولايات المتحدة للسلبية, وهي المؤشر الحيوي الأهم لدولة صناعية مثل أمريكا.

خلاصة الأمر:
إن سياسة ترامب القائمة على الاحتفالات المتكررة بأداء أسواق الأسهم ستكون لا محالة هي السبب المباشر الذي سيلحق ضرراً استثنائياً وغير مسبوق بأسواق الأسهم الأمريكية وخاصة أن حجم البناء المشيد لن تكون القواعد الاقتصادية قادرة على حمله لأن وتيره و سرعه التشييد أكبر بكثير من وتيرة نمو الأساسات الاقتصادية. و بطبيعه الحال فإن ترامب سيزيد لا محاله الضغط على السياسة النقدية باتجاه فائدة أقل و تحفيز كمي و دولار أقل قوة و خاصة أن حفلة الخلاف مع الصين أخذت نصيبها الكافي من التسعير, مع أخذنا بعين الاعتبار أن الفيدرالي أعلن منذ منتصف اكتوبر الماضي و نتيجة لأزمة الريبو(عملياً و بلغة المال هي أزمة سيولة) باعتماد ضخ 60 مليار شهريا في النظام البنكي على الأقل لغاية الربع الثاني من عام 2020. و بالتالي فإننا لا نزال نرى أن حجم المجازفة والمخاطرة و الذي تحمله مؤشرات أسواق الاسهم الأمريكية هو دافع لنا للاستمرار في نظرتنا الإيجابية الراسخة تجاه المعادن الثمينة و الين الياباني.