من 9 نوفمبر وحتى اللحظة تخرج علينا شركات الأدوية للإعلان عن نجاح تجاربها للقاح كورونا. ففي 9 نوفمبر جاء اول اعلان من شركة فايزر (NYSE:PFE) والتي صرحت بنجاح تجارب اللقاح على حوالي 40 ألف شخص بنسبة نجاح 90% فانعكس ذلك الخبر بانهيار سريع لأسعار الذهب بحوالي 8% وانخفضت سعر اوقية الذهب 110 دولار في نفس اليوم من 1960 دولار الى 1850 دولار.. وارتفعت شهية المخاطرة في أسواق المال الأمريكية لتصل لأعلى مستوياتها في ظل حالة تفاؤل في عودة الحياة لطبيعتها وفتح الاقتصادات ... ولكن هذا الهبوط للذهب لم يستمر وارتفع الذهب من جديد خاصة بعد تصريحات فايزر بان اللقاح يواجه تحدي هام وهو أنه يحتاج درجة حرارة تحت 70 درجة وتصريح جو بايدن بأن إعلان نجاح التجارب جيد ولكنه غير كافي لان مازال امامنا شهور لتوزيعه مع تصريح من منظمة الصحة العالمية إنها تتوقع توزيع اللقاح في مارس. 
وهنا بدأت التخوفات ترجع من جديد خاصة في ظل استمرار ارتفاع الاصابات والوفيات في العالم بأرقام قياسية خاصة في الولايات المتحدة والتي وصلت الى 200 ألف اصابة يوميا.. طبعا مشكلة كبيرة وذلك لأن الأعداد ستزيد في الولايات المتحدة بكثافة بسبب بقاء المواطنين في الشوارع الأمريكية بسبب انتخابات الرئاسة..
بعدها بيومين وتحديدا في 11 نوفمبر أعلن الصندوق الروسي للاستثمارات المباشرة، عن نجاح نتائج تجارب اللقاح الروسي بنسبة 92%.. أي بنسبة تتخطي لقاح فايزر .. ولكن دعونا نشاهد كيف انعكس ذلك على الذهب سنجد ان الذهب تراجع بعد هذا الاعلان ب 25 دولار فقط للأوقية من سعر 1880 دولار الى 1855.. واعتقد ان سبب أن التأثير كان محدود أن هذا اللقاح تم الإعلان عنه في روسيا من أغسطس الماضي وبرغم من ذلك الإصابات تتزايد في روسيا فنتحدث اليوم عن حوالي 25 ألف إصابة في روسيا ...بالتالي ارتفع الذهب مرة أخرى لمستويات 1900 دولار..
حتى جأنا ليوم 16 نوفمبر والذي أعلنت فيه شركة مودرنا الأمريكية عن نجاح تجارب اللقاح الخاص بها بنسبة 94.5% وانعكس ذلك بخسارة اوقية الذهب 35 دولار في نفس اليوم بتراجع من مستويات 1895 دولار الى 1860 دولار، ثم يأتي يوم 18 نوفمبر لتعلن فايزر ان نسبة نجاح لقاحها 95% واذكركم مشاهدينا ان فايزر هي نفس الشركة التي اعلنت 9 نوفمبر ان لقاحها ناجح بنسبة 90% وانخفض الذهب بقوة خاسرا 110 دولار ولكن هذه المرة لم يخسر الا 20 دولار فقط.. ومن يومين أعلنت استرازينكا (LON:AZN) واكسفورد أن لقاحهم سجل فعالية 70% ولكن هنا سهم الشركة تراجع لأن نسبة نجاح اللقاح ضعيفة على غير المتوقع.. ولكن بعد تعديل استرازينكا نسبة نجاح اللقاح الي 90% وان لقاحها هو الارخص سعرا والاسهل في التخزين رفع من معنويات الأسواق مرة اخرى وانخفض الذهب.
ولكن الحقيقة أن السبب الرئيسي في رأيي لانخفاض الذهب دون مستويات 1850 ليصل إلى 1813 هو اولا الأنباء عن تأكيد الانتقال السلمي للسلطة لصالح جو بايدن في الولايات المتحدة الأمريكية بالإضافة إلى المؤشرات الاقتصادية الايجابية جدا من الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي والخاصة بمؤشري مديري المشتريات التصنيعي والخدمي والذي جاء أعلى من 50 نقطة ليعطي اشارة لتحسن القطاع التصنيعي والخدمي وعودة الحياة لطبيعتها فهنا كان لازم ينعكس بالسلب على الذهب وهذا هو السبب الرئيسي لانخفاض الذهب وليس اعلان استرازينكا فكما اقول دائما ليس هناك فائدة من نجاح إعلان تجارب اللقاح والإصابات والوفيات في تزايد مستمر.
والحقيقة العالم كله كان منتظر لقاح واحد.. حاليًا تقريبا كل يومين او ثلاثة يخرج إعلان نجاح لقاح جديد. إذا السؤال الأبرز لماذا لم تنخفض اسعار الذهب بشدة.. فالمهم هو اعلان توزيع اللقاح على العالم وان الكابوس انتهى.. فنحن ما نراه الآن مجرد إعلان نجاح للتجارب ومازالت الإصابات والوفيات تتزايد والاقتصاد العالمي يعاني.. وما يؤكد كلامي هو تصريح كريستالينا جورجيفا مديرة صندوق النقد الدولي هذا الأسبوع والتي قالت لا يجب أن نضع امالنا على إعلان اللقاح فقط لأن توزيع اللقاح محتاج وقت فالعبرة بنهاية الازمة. ثاني سبب في عدم انخفاض الذهب هو ان الاسواق المالية والمستثمرين امتصت اخبار اعلان تجارب اللقاح وبنت نظرة اننا امام اعلان لتسويق اسم الشركات ولكي تبدأ الدول في الحجز المسبق من هذه الشركات وان ليس هناك تأكيد حقيقي على نجاح اللقاح حتى اللحظة خاصة وأن أسلوب الشركات كان غريب كأنهم داخلين مزاد ففي البداية فايزر قالت نسبة نجاح اللقاح 90% فجاء اللقاح الروسي ليتحدث أن نسبته 92% ثم تأتي مودرنا لتقول 94.5% فترجع فايزر في اقل من 10 ايام وترفع من نسبة نجاح لقاحها لـ 90%.. فطبعا الأمر غريب..
في النهاية مازالت ثابت عند رأيي وهو أن الفترة القادمة هناك حالة من الضبابية وعدم وضوح الرؤية بخصوص اسعار الذهب لذلك نصيحتي لكم بعدم شراء الذهب بكل اموالك وألا يكون هدفك الاستثمار قصير الأجل فالذهب للاستثمار طويل الأجل فأي هبوط للذهب هو فرصة جديدة للشراء فالأزمات لم ولن تنتهي ولكن من الصعب طبعا معرفة مواعيد محددة فنحن في سوق متغير لذلك برجاء ألا تأخذ خطوة الاستثمار الا إذا كان لديك وعي وعلم وخبرة بأسواق المال.