الليرة التركية ومخاطر رفع الفائدة الامريكية

 | 21 نوفمبر, 2021 16:28

في مارس من عام 2020؛ بدأ الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي خطة طوارئ لحماية الاقتصاد من آثار جائحة كورونا، ضمن خطة توجه اقتصادي أعم يشمل السياسة المالية، وهي مشابهة للتوجهات التي اتبعتها كثير من دول العالم لنفس الأهداف. 

لكن الوضع الاقتصادي تغير الآن مع اعادة فتح القطاعات بعد أن اتخذ الفدرالي الأمريكي حزمة من السياسات التوسعية بهدف إنعاش الاقتصاد وحمايته من أزمة الانكماش والركود عن طريق زيادة عرض النقود في الاقتصاد، وتخفيض تكلفة الديون بهدف زيادة الاستثمار والاستهلاك. 

أهم سلاح في يد الفيدرالي الأمريكي واغلب البنوك المركزية حول العالم هو سلاح نسبة الفائدة الذي تم خفضه ليصبح قريب من الصفر ومن ثم استخدام سياسة التسهيل الكمي التي تعتمد على خلق نقود لم تكن موجودة في الاقتصاد، ولا في حوزة الفيدرالي؛ وضخها في الاقتصاد عن طريق شراء سندات طويلة الأجل 

لكن الظرف الاقتصادي تغير الآن نتيجة لإعادة فتح الاقتصاد، واختلاف توقعات التضخم للفترة القادمة، وتوقعات النمو أيضًا، فالاقتصاد الأمريكي يتوقع ارتفاع أسرع معدلات نمو منذ الثمانينيات، ومعه ترتفع لمعدلات التضخم أيضًا؛ نتيجة لارتفاع الطلب، وكما أن خفض أسعار الفائدة واستخدام التسهيل الكمي مناسب لتنشيط الاقتصاد عند الركود، فإن رفع أسعار الفائدة وترك التسهيل الكمي تدريجيًا هي السياسة النقدية المناسبة لضبط التضخم، لكن ما تأثير ذلك على الليرة التركية؟ 

تؤثر السياسة النقدية في المراكز الغربية في بقية دول العالم، وتحديدًا سياسة الفيدرالي الأمريكي، خصوصًا الدول المدينة بالعملات الأجنبية، ففي العموم كلما رفعت دولة ما سعر فائدتها قوّى ذلك عملتها المحلية، لأنه يجذب الاستثمار الأجنبي وتحتاج الدول الناشئة تحديدًا أن تكون أسعار فائدتها مرتفعة مقارنة بالدولار، ولن يفكر المستثمرون بضخ أموالهم دون فرق في العائد يعوض هذه المخاطر. 

تعد أسعار الفائدة في تركيا من أعلى معدلات التضخم في العالم , تواجه تركيا اليوم أزمة عملة خانقة، وخروجًا لرؤوس الأموال الأجنبية منها، وارتفاعًا لأسعار المنتجات في البلاد وأحد أسبابها انخفاض قيمة العملة، ما يعني ارتفاع تكلفة المواد المستوردة، ورغم حاجة تركيا إلى سعر فائدة مرتفع لتقوية العملة؛ وبالتالي المساهمة في معالجة باقي المشاكل، خفضت تركيا أسعار الفائدة كثيرا حتى اصبح سعر الفائدة الحقيقي في السالب ( سعر الفائدة الحقيقي = سعر الفائدة الاسمي الذي يحدده البنك المركزي – معدل التضخم ) وارتفع بذلك الضغط على الليرة التركية، لتسجل أسوأ قيمة لها منذ سنوات.