هل ينتهي انهيار سعر صرف الليرة التركية؟

 | 08 ديسمبر, 2021 17:24

مع قيام البنك المركزي بتخفيض سعر الفائدة بمقدار 6 نقاط مئوية أقل من معدل التضخم، ومع تصريحات الرئيس أردوغان فى كل أحاديثه تقريبًا بأن أسعار الفائدة ستنخفض، حدثت تقلبات غير مسبوق في أسعار الصرف واستقر سعر الدولار عند 14.0 ليرة. وفي الفترة الحالية، يتم تداوله حول مستوى 13.60، لكننا نشهد تقلبات قياسية في أسعار السوق على الرغم من أن سعر الصرف يبدو هادئًا نسبيًا هذه الأيام. كل شيء يمكنك تخيله بدأ سعره يرتفع. على وجه الخصوص ارتفعت أسعار المواد الغذائية، حيث تُظهر ملصقات الأسعار منذ الأسبوع الماضي أن معدل الزيادة في الأسعار يقترب من 100٪. وسواء أكان المنتج مستوردًا أم لا، وسواء تأثر بالعملة الأجنبية أم لا، فإن سعر كل شيء تقريبًا قد ارتفع. وهذا يعني شيئًا واحدًا فقط، اننا نزداد فقرًا. 

التضخم هو أهم موضوع، ولا يمكن تجاهله في السياسة النقدية والمالية، وبالتالي في السياسة الاقتصادية لأي بلد. لطالما كانت تركيا دولة ذات تضخم مرتفع، وعلى الرغم من انخفاض التضخم نسبيًا من وقت لآخر، إلا أن المستويات المستهدفة لم تتحقق منذ فترة طويلة جدًا. 

كان معدل التضخم أقل عندما كان تدفق رأس المال مرتفعًا، ولكن عندما توقف الاستثمار فى الانتاج المحلي في ذلك الوقت وتم الاتجاه نحو الاستيراد بسبب عدم وجود فرق كبير، ارتفع التضخم، وأظهر نفسه مرة أخرى مع انتهاء فترة الاستقرار. السبب الرئيسي لارتفاع التضخم هو حقيقة أن الدولة لا تعطي أهمية للاستثمار المحلي ولا للزراعة والانتاج الحيواني ولا للشباب وزيادة الإنتاج. 

والواقع أننا نشهد صدمات في أسعار الصرف بسبب التبعية الأجنبية في جميع الأنشطة الاقتصادية. وعندما لا تكون الأسس الاقتصادية صلبة، فإن أدنى توتر يخل بجميع التوازنات ويستمر تأثيره لفترة غير قصيرة. الزيادة في سعر الصرف في شهر نوفمبر فقط تعني استمرار التضخم في البلاد إلى الفترة من مارس إلى أبريل، وزيادة سعر الصرف فوق 40٪ تؤدي إلى زيادة في الأسعار تتجاوز 100٪. عندما ننظر إلى بيانات معهد الإحصاء التركي (TUIK)، فإن معدل التضخم الحالي البالغ 21.31٪ ليس بالتأكيد ناتج عن تضخم السوق. 

ماذا يحدث عندما يخرج التضخم عن السيطرة؟ بالنسبة للمستثمرين وكذلك المواطنين، فهذا يعني انخفاض قيمة الليرة التركية.  في حالة عدم وجود عائد على الاستثمار بالليرة التركية، يؤدي ذلك إلى تحول المستثمر إلى الجانب الآخر. هذا الانخفاض التدريجي لليرة التركية مقابل كل من التضخم والعملات الأجنبية لن يتغير دفعة واحدة، خاصة مع مثل هذه الزيادة المرتفعة في سعر الفائدة. ولقد رأينا هذا مرات عديدة في السنوات الأخيرة. 

عندما أدت سياسة الفائدة المنخفضة إلى زيادة سعر الصرف والتضخم، تمت زيادة أسعار الفائدة بسرعة، لكن هذا لم يمنع انخفاض الليرة التركية. في الواقع، تم تدارك الخطأ واتخاذ إجراء سريع يمكن أن يوقف الخسارة، ولكن في حالتنا، لم تظهر نتيجة هذه السياسات لأن عمرها قصير جدًا. نقوم بتنفيذ سياسة نقدية صارمة لمدة 3-5 أشهر، ثم نقوم بإقالة رئيس البنك المركزي والتحول إلى سياسة الفائدة المنخفضة مرة أخرى. 

تضعف الثقة في البيئة التي يزداد فيها عدم اليقين، وبالتالي سيكون تأثير السياسات منخفضًا أيضًا. ونحن نشهد ذلك الآن. إذا استمر البنك المركزي في خفض أسعار الفائدة وزاد الرئيس أردوغان من بياناته، فلن نشهد تراجعًا سواء في سعر الصرف أو التضخم. لا يمكن أن تؤدي تخفيضات أسعار الفائدة وحدها إلى زيادة الاستثمارات وتقليل التضخم أو أسعار الصرف. هذا غير ممكن. 

حقيقة أن البنك المركزي قد خفض أسعار الفائدة من ناحية وجعل ضبط الحساب الجاري هو الهدف الرئيسي وليس استقرار الأسعار هو وضع يقوض الثقة. من ناحية أخرى، وعندما تتسبب هذه التحركات في زيادة سعر الصرف، فإن حقيقة أنه يتدخل في السوق باحتياطيات سلبية تثير قلقًا آخر. هذا هو سبب محدودية تدخلات البنك المركزي. لسوء الحظ، لا يمكن لهذه العملية أن تحقق أي نتيجة، حيث يوجد القليل من الاحتياطي المتاح للتدخل، والوضع الذي يتم مواجهته من خلال هذا التدخل هو ما يثير قلقنا.