هل يعاقب الغرب روسيا، أم يعاقب نفسه؟ (الجزء الثاني)

 | 03 مارس, 2022 12:09

هل يعاقب الغرب روسيا، أم يعاقب نفسه؟ (الجزء الثاني)

كما أشرنا بالأمس، أن عدة وسائل إعلامية تعكس صورة الوضع الراهن القائم في أوكرانيا بتحيز للجانب الأوكراني، فيما تدعم وسائل إعلامية اخرى روسيا وتبرر دوافعها للإقدام على مثل هذه الخطوة، ما صعب على المتلقي وخاصة المستثمرين فهم حقيقة ما يحدث ما يدفعهم نحو الملاذات الآمنة أكثر وأكثر نتيجة تزايد حالة عدم اليقين.

خاصة مع السؤال الذي يتبادر لأذهانهم فيما يتابعون الأخبار، حول متى سينتهي هذا الصراع وكيف ولصالح من؟ فإذا ما استمعوا وتابعوا الأخبار من الطرف الأوكراني والغرب يجدوا أن خلاص أوكرانيا من الهجوم الروسي وطرد القوات العسكرية بات قريبًا، وأن روسيا ستفشل في احتلال أوكرانيا، خاصة في ظل الدعم الغربي لأوكرانيا المقدم في هيئة إمدادات بالأسلحة، وعقوبات تتزايد كل لحظة على روسيا، فضلًا عن المقاومة الأوكرانية الباسلة التي فوجئت بها روسيا ما يجعل الأزمة قاب قوسين أو أدنى من الانتهاء.

وإذا ما تابعوا ما يصدر من الجانب الروسي وقنواتهم الاخبارية، يجدوا أن الإدارة الروسية مرتاحة مع التقدم الذي تحرزه القوات العسكرية، وأن القوات تحقق أهدافها في وقت أسرع مما كان محضرًا إليه، وأن القوات العسكرية الأوكرانية ضعيفة ولا تقوى على مجابهة القوات الروسية. ما يوحي بطول أمد الأزمة.

فوسائل الإعلام التي تنحاز لروسيا لا تتوقف عن بث تصريحات الإدارة الروسية، بأن على عكس ما يروج له الغرب من أن هذه العملية الروسية هدفها احتلال أوكرانيا، وأن الهدف منها هو اضعاف أوكرانيا عسكريًا وتحييدها تمامًا فقط، ووقف استخدامها كأداة في يد الولايات المتحدة لتهديد الأمن القومي في روسيا. وأنه مع انتهاء تحقيق الأهداف، سوف تعود القوات العسكرية الروسية إلى روسيا.

 هذا التضارب والانحياز الذي نشهده في كثير من القنوات الإخبارية ووسائل الإعلام، والمتمثل بعرض وجهة نظر جانب واحد دون الأخرى يفتح باب تساؤلات عند المتلقين والمتابعين لكلا الجانبين من وسائل الإعلام. على سبيل المثال، إن كانت أوكرانيا تكبد روسيا كل هذه الخسائر في المعدات والأرواح على الأراضي الأوكرانية رغم انه ووفقا لما صدر بالأمس من الإدارة الأمريكية، روسيا تستخدم ٨٠٪ من قوتها العسكرية في أوكرانيا، وأن روسيا تفاجأت بقوة أوكرانيا العسكرية وصمودها. إذن لماذا فتح الرئيس الأوكراني الباب للمرتزقة في أوروبا للانضمام دفاعًا عن أوكرانيا، ومن قبله فتح باب التطوع للمدنيين الأوكرانيين للحاق بالجيش؟ لماذا قبل الجلوس على طاولة المفاوضات مع روسيا في الحدود البيلاروسية؟ لماذا وقع طلب الانضمام للاتحاد الأوروبي وطالب الاتحاد بقبوله فورًا واستثناء أوكرانيا من كل الإجراءات التي يتوجب إتمامها لتكون أوكرانيا جزء من الاتحاد الأوروبي؟ لماذا لا يتوقف عن الاستنجاد بالولايات المتحدة والغرب ومطالبتهم بشديد العقوبات أكثر؟

 ومن جهة أخرى وإن كانت الأخبار الواردة من روسيا وأنها لا تستخدم سوى ١٠٪ فقط من قوتها العسكرية في أوكرانيا، وأنها تحقق أهدافها في وقت أسرع مما كان مخططًا له، فلماذا قبلت هي ايضًا بدروها الجلوس على طاولة المفاوضات؟! ولماذا أمر الرئيس الروسي "بوتين" بوضع الأسلحة النووية قيد الاستعداد؟  هل تفعل هذا كنوع من التهديد للجانب الغربي لعدم زيادة العقوبات أكثر، أم بسبب تصريح رئيسية البنك المركزي الروسي "إيلفيرا نابيولينا" بأن العقوبات قد قيدت من قدرة البنك المركزي على إيقاف نزيف الروبل الروسي، رغم رفعه لسعر الفائدة ليصل إلى ٢٠٪، وأن روسيا بدأت فعلا تعاني اقتصاديًا بشكل يصعب عليها تحمله؟