تحليل فني وأساسي: الذهب في خطر..الدولار ينتفض

 | 07 مارس, 2023 12:04

أفكر ملياً منذ بضعة أسابيع فيما يدور حاليا في عقل أعضاء الفدرالي، هل يمكن إيقاف قطار مسرع خارج عن السيطرة بدون اية فرامل؟

منذ فترة ذكرنا في إحدى مقالاتنا أن الاقتصاد الأمريكي ورغم مروره بعوائق قوية مثل مشاكل الجمارك بين الولايات المتحدة والصين وكذا بينها وبين الاتحاد الأوروبي ثم مرورا بجائحة كورونا ثم الحرب الروسية الأوكرانية والصعوبات الحقيقية في سلاسل الإمداد والتي دفعت بعض الشركات في تخفيض إنتاجها، إلا وأنه على الرغم من كل ذلك يسير الاقتصاد الأمريكي باقصى وتيرة ممكنة في تاريخه القديم والحديث، حيث نسبة الجهد الإنتاجي تتجاوز حاليا 86% وهو رقم قياسي.

ورغم استجابة الشركات الكبرى للتوجيهات الحكومية بتخفيض العمالة إلا أن البطالة انخفضت لمستويات 3.4% وهو رقم لم نراه منذ عام 1970، ورغم رفع الفائدة المتتالي إلا أننا نشاهد نمواً بالناتج المحلي.

سعى الفدرالي إلى ركود ناعم لكبح جماح التضخم لكنه فشل وازداد الاقتصاد قوة، وعلى الرغم من الرفع المتتالي للفائدة حتى أصبحت على مشارف الـ 5% إلا أن التضخم في آخر قراءة له لم يستجيب واستقر منخفضا بنسبة 0.1% فقط.

ذكرنا أيضا في مقالات سابقة أن التضخم لا يصعد ويعود للهبوط ثم ينتهي الأمر، بل ذكرنا أن التضخم يسير في شكل موجات، بدأ موجهته الأولى بالصعود، استجاب قليلاً لرفع الفائدة هابطا من مستويات 9.2% إلى 6.4%، أي أنه انخفض بنسبة 2.8% مقابل رفع فائدة بنسبة 4.75%.

ويبدو عزيزي القارئ أننا على مشارف بداية موجة الصعود التالية للتضخم والتي نتوقع أن تستهدف مستويات 12.5%.

هنا أحاول أن أجلس ولو قليلا على مقعد جيروم باول أضع نفسي مكانه وافكر ماذا افعل؟ هل استمر في رفع الفائدة بنسب 0.25% وصولا إلى مستويات 5.5% تاركاً الأمور للحظ لعل التضخم يستجيب أو يجد بالامور جديد؟

أم أكون أكثر جرأة واستبق موجة التضخم الجديدة بتشديد جديد وقوي يصدم الاسواق؟

وهنا أعتقد أن الجالس بالمقعد المقابل لي وهو بالطبع أحد أعضاء الفدرالي سيذكرني بفقاعة الدوت كوم، حينما تجرأ الفدرالي و واصل تشديده وصولا بالفائدة إلى مستويات 6.5% فانهارت اسواق الاسهم انهياراً ظلت سبعة أعوام كاملة تتعافى منه في سوق الداو جونز والإس اند بي، أما في سوق الناسداك استغرق الأمر 15 عاما للتعافي من تلك الصدمة.

لذا نستفيد من تلك القصة أن مستويات 6.5% تعتبر مستويات هلع لمتداول الأسهم والذي سيهرب حتما من السوق خوفا من تكرار التجربة .

وكما يريد الفدرالي ركودا ناعما يريد ايضا هبوطا ناعما بأسواق الأسهم ولا يريد أن يحدث فوضى بيعية عارمة لذلك سينصحني زميلي بعدم الجرأة بالتشديد.

لكن السؤال المطروح، وأعتقد الوحيد، ماذا لو لم يستجيب التضخم لخطة الفدرالي الحالية؟

- هل سيتعايش مع التضخم الموجود وبالتالي سيخسر سوق السندات الذي لن يصبح مغريا لكبار المستثمرين؟

- هل سيتجرأ بتشدد صادم لمحاربة التضخم بقوة وبالتالي يخسر اسواق الاسهم وقد يخسر معه سوق العمل وبعض الافلاسات الكبرى بالبنوك والصناديق؟

- هل سيستمر في خطته الحالية معتمدا على الحظ لعل يحدث بالامور ما يخدمه؟

في كل الأحوال لا أعتقد أن باول ينام جيدا تلك الأيام، ولا أعتقد أن أعضاء الفدرالي يعرفون ما هي الخطوة المقبلة، وارجح أنهم سيتركون الأمور للحظ فقط معتمدين على خطتهم الحالية وهي الحفاظ على الرفع بنسبة 0.25% إلا في حالة واحدة، سيتم تقريرها يوم الثلاثاء المقبل حين تهل علينا بيانات التضخم الجديدة، والتي تسبق اجتماع الفيدرالي لرفع الفائدة بأسبوع واحد فقط، أعتقد أن قرار هذا الشهر لن يتغير وهو الرفع بنسبة 0.25 إلا إذا جاء التضخم مرتفعا بقوة، وأعتقد أن ما سيحرك الأسواق ليس قرار الفائدة، بل المؤتمر الصحفي الذي يليه بنصف ساعة.

في كل الأحوال، ومن البيانات الصادرة، سواء بيانات الوظائف والبطالة والأجور والناتج المحلي والتضخم والجهد الانتاجي والقوة الشرائية الحالية، ما زلنا عند رأينا أن الموجة التالية لصعود التضخم على وشك البدء، وهو ما لن يكون ابداً في صالح الذهب، لأنه ومهما طال صبر اعضاء الفدرالي فإن للصبر حدود حينما يستشعرون الخطر سيتم التشديد وفوراً خوفا من خسارة سوق السندات والذي يعتبر الأهم بالنسبة لهم.

احصل على التطبيق
انضم إلى ملايين المستخدمين الذين يحصلون على أحدث أنباء الأسواق بأقصى سرعة على Investing.com
حمل الآن