التداعيات العالمية لخفض قيمة العملة الصينية

 | 23 أغسطس, 2015 10:02

كنا قد ناقشنا قبل أشهر احتمال تأثر الاقتصاد العالمي خلال عام 2015 بعاملين رئيسيين، وهما التراجع الحاد في أسعار السلع، النفط على وجه الخصوص، والتحركات الكبيرة في سوق أسعار الصرف (أنظر تحليلنا الاقتصادي النفط والعملات والسياسات النقدية المتباينة: الاقتصاد العالمي في عام 2015). وبينما يؤدي انخفاض أسعار السلع إلى تحويل الدخل من البلدان المصدرة للسلع إلى تلك المستوردة لها، تؤدي حركة أسعار الصرف إلى نقل النمو من البلدان التي تشهد قيمة عملاتها ارتفاعاً نحو تلك التي تتجه قيمة عملاتها نحو الانخفاض. وبالتالي، فإن لهذين العاملين أهمية بالغة في التأثير على توزيع الدخل والنمو وفي تحديد الرابحين والخاسرين في الاقتصاد العالمي. لذلك، فإن النظر إلى الاقتصاد العالمي من هذه الزاوية يفيد كثيراً في تحليل قرار الصين الأخير القاضي بخفض قيمة عملتها والتداعيات العالمية المترتبة على هذا القرار.

احصل على التطبيق
انضم إلى ملايين المستخدمين الذين يحصلون على أحدث أنباء الأسواق بأقصى سرعة على Investing.com
حمل الآن

ارتفعت قيمة الرينمينبي مقابل أغلب العملات العالمية خلال الأشهر القليلة الماضية نظرا إلى ارتباطه نوع ما بالدولار الأمريكي. وألحق هذا الارتفاع ضرراً بالصادرات الصينية، مما وضع الصين في صف الخاسرين جراء التحركات الكبيرة في أسعار الصرف في العالم. وهو ما دفع السلطات الصينية لفك ارتباط الرينمينبي بالدولار الأمريكي (أنظر تحليلنا الاقتصادي الصين تصطاد ثلاثة عصافير بحجر "اليوان" ). ومن المنتظر ألا ينحصر تأثير هذا القرار في الصين فقط بل سيتعداها على الأرجح ليشمل الاقتصاد العالمي ككل، خصوصاً عبر أسعار السلع وحركة العملات.

تراجعت أسعار السلع بعيد خفض الصين لقيمة عملتها. وانخفضت أسعار النفط بنسبة 6% منذ 11 أغسطس الجاري، بينما انخفض سعر النحاس بنسبة 5% خلال نفس الفترة. كما تراجع مؤشر تومسون رويترز / مكتب أبحاث السلع (سي آر بي) (وهو مقياس واسع يشمل السلع الزراعية والمعادن الثمينة والمعادن الصناعية والطاقة) بنسبة 4% منذ خفض قيمة الرينمينبي. وفسر المستثمرون قرار الخفض هذا بكونه إشارة ضعف في الاقتصاد الصيني. وبالنظر إلى تأثير النشاط الصناعي الصيني على أسعار السلع خلال السنوات الأخيرة (كما هو موضح في الرسم البياني)، فإن هذا التراجع ليس مفاجئاً. ولكن في حال نجح خفض قيمة الرينمينبي في تحفيز الصادرات الصينية وبالتالي النمو، فقد يؤدي ذلك إلى رفع أسعار السلع مستقبلا. لذلك، فإن التراجع في أسعار السلع الناجم عن خفض الصين لقيمة عملتها قد لا يستمر إلا لفترة قصيرة فقط.