يبدو أن “الاحتياطي الفيدرالي”، راض عن ترك أسعار الفائدة – المستهدفة حاليا عند 1.5% إلى 1.75% – ثابتة خلال 2020. ويبدو أن النمو قوي بما يكفي والتضخم ضمن النطاق المستهدف لرئيس “الفيدرالي” جيروم باول.
لكن على المدى الطويل يواجه الاقتصاد تحديات قد تتطلب أدوات سياسة نقدية أفضل.
وحتى نهاية العام الماضي، دعم منتقدو الرئيس دونالد ترامب، الذين وصفوا تخفيضات الضرائب بأنها غير مسئولة والتعريفات على الصين بأنها طائشة، المزيد من الخفض في أسعار الفائدة، وجادلوا بأن تخفيضات الضرائب لم تفعل سوى نوبة ارتفاع مؤقت في الطلب الاستهلاكي.
أما اغلب المديرين الماليين للشركات ، فكانوا يخططون لركود في 2020، وكان ارتفاع سوق الأسهم هشا ومدفوعا على الأغلب بأسهم التكنولوجيا الكبيرة.
ثم تحولت الحقائق، ولا تزال ثقة المستهلكين قوية.
ومن المتوقع أن تتم المصادقة قريبا من قبل الكونجرس على اتفاقية التجارة الأمريكية مع المكسيك وكندا، كما يعد اتفاق المرحلة الأولى مع الصين، بمزيد من الصادرات. وتساهم الأسهم الدورية بمزيد من الارتفاع في سوق الأسهم.
ويتوقع المحللون أن ترتفع أرباح الشركات العام الحالي بنسبة 9.4%. ومع إضافة الشركات مزيدا من الوظائف كل شهر، يزداد التفاؤل باستدامة النمو.
وتتمتع الشركات ذات الأسس السليمة برؤوس اموال وفيرة، وتنفق أقل على الهياكل والآلات في اقتصاد قائم على الخدمات أكثر مما كان معتمدا على التصنيع. وتغرق الأسواق العالمية في الأموال التي تبحث عن أماكن للاستثمار، نتيجة ارتفاع المدخرات مع ازدياد شيخوخة السكان.
وتركز الشركات الصناعية أكثر على الذكاء الاصطناعي والمنتجات التحويلية، منها على سبيل المثال السيارات الكهربائية وذاتية القيادة. ويزداد التركيز على البحث والتطوير بدلا من إنشاء المصانع الجديدة والآلات. وتفضل الشركات تمويل البحث والتطوير من تدفقات النقدية بدلا من الاقتراض.
ورغم هذا التفاؤل، فإن ركودا آخر سيقع عاجلا أم آجلا، وسيكون ناتجا على الأرجح مجددا من التشوه في القطاع المالي.
وفي أوروبا، لم تتهيكل البنوك الالمانية والإيطالية كما يجب في أعقاب الأزمة المالية. وفي الصين، كانت بكين تشتري حصصا في الشركات الخاصة لتخفيف أعباء الديون.
وفي الولايات المتحدة، توزع “موديز” وشركات التصنيف الائتماني الأخرى، تصنيفات سخية على الشركات في الدرجات “بي” و”سي”.
وفي ظل تراجع أسعار الفائدة، فإن “الفيدرالي” لديه مساحة قليلة لخفض الفائدة اكثر في أزمة. كما ان القفز في أسواق سندات الخزانة الاطول أجلا أو أوراق الرهن العقاري ، لن يفعل الكثير لمنع النزيف أكثر مما فعل التيسير الكمي من 2008 إلى 2014.
ويتعين على “الفيدرالي”، إصدار عملة رقمية للأسر والشركات، وان يسعى بالتعاون مع وزارة المالية للحصول على تصريح من الكونجرس لطبع أموال حال وقوع أزمة.
وبالفعل لدى البنوك التجارية ومديري الأصول وصناديق التحوط، حسابات رقمية لدى الفيدرالي والتي تدفع فائدة، وهي ممارسة لم تكن قائمة قبل الأزمة المالية العالمية.
وفي الوقت الحالي، تحمل البنوك احتياطيات اعلى بكثير ما يطلب “الفيدرالي”.. وعادة ما ترفض إقراض الأموال الفائضة إلى الشركات حتى للشركات التي تعرض الاوراق المالية للخزانة الأمريكية كضمان. وببساطة تفضل البنوك أن تدفع لعملاء الحسابات النقدية قصيرة الأجل أقل من 0.2% وتكسب 1.55% في “الفيدرالي”.
وللقضاء على هذه الممارسة، يتعين على “الفيدرالي” إنهاء دفع فائدة مقابل الاحتياطيات الفائضة، ويركز أكثر في فترات الركود على ضخ مزيد من الاحتياطيات الفائضة في ميزانيات البنوك بدلا من خفض الفائدة أكثر.
ويمكن أن يصرح الكونجرس لوزارة الخزانة بطباعة السندات ووضعها في ميزانية الفيدرالي ثم ضخ الأموال مباشرة إلى الشركات والحسابات الاستهلاكية، وسيكون ذلك أكثر فاعلية من مشروعات البنية التحتية أو اللعب في نظام الضرائب.
وسيؤدي تحفيز البنوك على الإقراض من خلال عدم مكافئة الاحتياطيات السلبية -وبدلا من ذلك مكافئة ضخ الاموال مباشرة إلى الشركات والحسابات الاستهلاكية – إلى إعطاء الفيدرالي أدوات أكثر فاعلية حال وقوع أزمة ما.
بقلم: بيتر موريشي، اقتصادي أمريكي وأستاذ الأعمال الدولية في كلية “آر أتش سميث” بجامعة ميريلاند.
إعداد: رحمة عبدالعزيز.
المصدر: موقع “ماركت ووتش”.