على مدار العقد الماضي، كان من السهل للغاية على الأمريكيين إدارة ثرواتهم، وكان الاستثمار بنسبة 40 ـ 60% في مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” وسندات الخزانة بمثابة رهان رابح.
وتباهت الولايات المتحدة بامتلاكها أفضل أسواق الأسهم والسندات في العالم بخلاف الدخل من الفائدة الذي كان يوفر تحوطاً لطيفاً ضد مخاطر الأسهم.
ونحن الآن نعيش في أوقات غير تقليدية تتطلب عملية إعادة ترتيب، فتبديل بعض السندات بالذهب وبعض أسهم شركات التكنولوجيا الأمريكية بأسهم الشركات الصينية، يمكن أن يوفر بعض التحوط، ويمكن اعتبار الاثنين بمثابة مقايضات تعثر ائتمان ضد صناعة السياسة الفوضوية للرئيس دونالد ترامب.
ويمكنك أن تجادل بأن الدمار الذي خلفه وباء “كوفيد 19 “بجانب ما يتشكل سريعاً ليبدو كحرب باردة بين أكبر اقتصادين في العالم، هو أقرب لحرب عالمية ثالثة.
ومثلما كان يحدث في الماضي في أوقات الحرب، نشهد اضطرابات فى سلاسل التوريد، وإغلاقات للحدود وحركة محدودة للعمالة.
وتتسبب الحروب فى ضغوط تضخمية، ولم تعد قطع غيار السيارات الرخيصة المصنوعة في مدينة ووهان الصينية، بإمكانها الوصول للأراضي الأمريكية وقد يكلفك النبيذ الفرنسى أكثر مع ازدياد صعوبة لوجستيات النقل.
وعلاوة على ذلك، يغدق “الاحتياطي الفيدرالي” نظامه المالي بالنقدية، وخلال 3 أشهر، تضخمت الأصول المملوكة للبنك المركزى بمقدار الثلثين إلى حوالي 7 تريليونات دولار.
ولجعل الأمور أسوأ، يبدي الفيدرالي موقفاً أكثر مرونة تجاه التضخم، ومستعد للتخلى عن الرفعات الوقائية لأسعار الفائدة، رغم أن توقعات ارتفاع أسعار المستهلكين صعدت منذ مايو.
وكما جادلت سابقاً فى مقال حديث لى على مجلة “بلومبرج بزنس ويك”، لم تعد السندات أداة تحوط فعالة ضد الأسهم فى عالم الفائدة المنخفضة الذى يواجه ضغوطاً تضخمية، بينما يستطيع الذهب القيام بوظيفة تحوطية أكبر، ولكن بعد ارتفاعه لمستويات قياسية تجحظ لها الأعين، من الطبيعى أن نسأل إذا كنا تأخرنا كثيراً عن اللعبة.
ويمكن أن يكون التاريخ دليلنا، فبعد انهيار بنك “ليمان براذرز” فى 2008، تقدم الذهب وواصل الصعود حتى سبتمر 2011، حتى رغم استحواذ حزب الشاي الذي يدعو للتقشف على الخطاب الوطنى فى انتخابات منتصف الفترة فى 2010.
وبعد 10 سنوات اختفى هذا الحزب وحل محله مؤيدو النظريات النقدية الحديثة الذين تخلصوا من التقشف، وفى الوقت نفسه، ما دمنا يى حالة حرب، ربما يبدو من الذكاء أن نتحوط ضد احتمالية الخسارة، فهذه الحرب الباردة لا تتعلق بقطعة من الأرض أو البحر، وإنما الهيمنة على الجيل القادم من التكنولوجيا.
ولدى الولايات المتحدة المميزات المطلقة في الوقت الحالي، وتسبق الصين بكثير فيما يتعلق بالرقاقات وتصميمات الروبوتات، ولكن الفجوة تزداد ضيقاً مع الوقت.
فبينما تبذر واشنطن تريليونات الدولارات من المحفزات لمقاومة الركود الناتج عن موجات تفشي فيروس كورونا، تقوى الصين، التي سيطرت على الوباء نسبياً، من عزمها التكنولوجي.
وبالنسبة للصين، يعد الأمر بمثابة إصابة عصفورين بحجر واحد، فالاستثمار بقيمة 1.4 تريليون دولار في قطاع التكنولوجيا هو حزمة التحفيز المالي الجديدة، وبدلاً من بناء المزيد من الطرق التى لا تقود إلى أى شيء، تبنى الصين قواعد شبكة الجيل الخامس.
ويعد الوقت الحالى هو الوقت الأنسب للتفكير فى التنويع بعيداً عن الأسهم الأمريكية بأى طريقة، فقد كانت هناك مخاوف كبيرة بشأن كون السوق نشطاً للغاية فى وقت يركد فيه الاقتصاد، وتشكل أكبر 5 أسماء الآن أكثر من 20% من مؤشر “ستاندرد آند بورز 500 ” كما تعلل كل مكاسبه العام الحالي، وهو ما يمكن أن يساعد في تفسير لماذا تتفوق الشركات الصينية التي تمكنت من طرح أسهمها في بورصة نيويورك في الأداء عن نظيرتها الأمريكية رغم محاولات ترامب لتضييق الخناق على الشركات الصينية الراغبة في طرح أسهمها في البورصات الأمريكية.
والآن.. أنا لا أؤيد صب المستثمرين أموالهم في الشركات التكنولوجية الصينية الكبيرة، لأنهم يواجهون المشكلات نفسها التي تواجهها الشركات التكنولوجية الأمريكية الكبيرة، وهى ذروة الشراء والتوقعات المستحيلة، وتسببت التدفقات لأدوات الاستثمار السلبية في زيادة مخاطر التركز في المؤشرات الرئيسية.
وتشكل مجموعة “علي بابا” و”تينيسينت هولدينجز”، حوالي ثلث مؤشر “إم إس سي آي” للأسهم الصينية وحوالي 14% من مؤشر “إم إس سي آي” لأسهم الأسواق الناشئة.
وبدلاً من ذلك، يتعين على المستثمرين البحث والتدقيق جيداً فى الشركات التكنولوجيا الصغيرة التى تتخصص في المعدات، والحقيقة أنه عندما تتمكن من تحديد شركة تكنولوجية واعدة لا يمر وقت طويل قبل أن تراها تزدهر.
وتتعلق الإدارة الجيدة للثروة بالتنويع، فإذا كنت غير واثق من استراتيجيات ترامب في وقت الحرب، أضِف بعض الذهب والشركات الصينية لمحفظتك الاستثمارية.
بقلم: شولى رين، كاتبة مقالات رأى على وكالة أنباء “بلومبرج” تغطى الأسواق الآسيوية.
إعداد: رحمة عبدالعزيز
المصدر: وكالة أنباء “بلومبرج”