تحليل-أسواق إسرائيل لا تكاد تبالي بالصراعات مع الفلسطينيين

رويترز

تم النشر 18 مايو, 2021 20:57

من مارك جونز وستيفن شير

لندن/القدس (رويترز) - يُظهر التاريخ أن الصراعات الإسرائيلية الفلسطينية نادرا ما تلحق ضررا دائما بالأسواق في إسرائيل، إذ يبدو المستثمرون، المباشرون وغير المباشرين على السواء، أكثر اهتماما بمتانة الاقتصاد الذي يزخر بأموال وفيرة مستثمرة في قطاع التكنولوجيا.

شهد الشيقل الإسرائيلي وسوق الأسهم أسوأ أسبوع لهما منذ مارس آذار تحت وطأة ليال وأيام من الضربات الإسرائيلية الصاروخية على حركة حماس في قطاع غزة وهجمات الفصائل الفلسطينية على المدن الإسرائيلية، بالتزامن مع تراجع في الأسواق العالمية الأسبوع الماضي، لكن معظم تلك الخسائر جرى تعويضها بالفعل.

والاقتصاد الإسرائيلي على طرف نقيض من اقتصاد غزة، حيث قدر مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) في نوفمبر تشرين الثاني أن 56 بالمئة من السكان البالغ عددهم مليوني نسمة كانوا يعيشون تحت خط الفقر في 2017 بعد عشر سنوات من الصراعات والقيود المفروضة على التجارة وحركة الأفراد، والتي تقول إسرائيل إنها ضرورية لحماية أمنها من حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي تحكم القطاع.

وتفرض مصر قيودا مشددة على الحدود هي الأخرى بسبب ما تقول إنها بواعث قلق أمنية.

ومع دخول أعمال القصف أسبوعها الثاني، يقول محللون إن فترات التوتر الشديد في العشر سنوات الأخيرة - في نوفمبر تشرين الثاني 2012 ويوليو تموز 2014 وسبتمبر أيلول 2015 ومارس آذار 2018 - توضح أن أسواق المال الإسرائيلية لا تأبه كثيرا بالصراع.

وخلُص اقتصاديو مورجان ستانلي (NYSE:MS) إلى أن فروق أسعار الائتمان - وهي العلاوة التي يطلبها المستثمرون لحيازة السندات الإسرائيلية بدلا من السندات الأمريكية الأعلى تصنيفا - اتسعت بالفعل بين عشر نقاط أساس و15 نقطة في جميع تلك الفترات، لكنها عادت إلى مستوياتها السابقة في غضون شهر أو شهرين. وشمل ذلك أيضا الأردن ومصر المجاورين، واللذين يتأثر دخلهما المهم من السياحة الأجنبية بالتوترات الإقليمية.

احصل على التطبيق
انضم إلى ملايين المستخدمين الذين يحصلون على أحدث أنباء الأسواق بأقصى سرعة على Investing.com
حمل الآن

لكن ما حدث هذا الشهر أن علاوات السندات الإسرائيلية تقلصت في واقع الأمر.

وقال محللو مورجان ستانلي يوم الجمعة "هذا مدهش بعض الشيء.. ليس في ضوء السوابق التاريخية فحسب، لكن لأن علاوات المخاطر الجيوسياسية في إسرائيل إنما كانت منخفضة قبل مايو أيار".

يعزو آخرون تلك المتانة إلى فائض قياسي في ميزان المعاملات الجارية يبلغ خمسة بالمئة - بما يعادل 20 مليار دولار - مع تدفق الأموال على قطاعي التكنولوجيا المتقدمة (SE:2330) والصناعات الدوائية (SE:2070) الإسرائيليين، إلى جانب تقلص واردات الوقود بفضل اكتشافات الغاز.

جمعت شركات التكنولوجيا الإسرائيلية حوالي 5.5 مليار دولار في الأشهر الثلاثة الأولى من العام، بما يتجاوز نصف إجمالي العام الماضي بأكمله، ويتوقع بنك إسرائيل المركزي أن ينمو الاقتصاد 6.3 بالمئة هذا العام.

أما الشيقل، فأضعفه تيسير كمي بأكثر من 60 مليار شيقل (18 مليار دولار) أجراه البنك المركزي خلال الأشهر الأخيرة، وهو ما يحد من فرص مزيد من التراجع.

وقال بيتر كيسلر مدير الصندوق في تريوم كابيتال "أعتقد أن (الشيقل) كان سيضعف لو كان هناك خطر اندلاع حرب أشد.. لكن في حقيقة الأمر فإن لدى (إسرائيل) ميزان معاملات جارية قوي".

"ليس قصة اقتصادية"

تبدي سوق تل أبيب للأسهم متانة هي الأخرى. كانت البورصة تراجعت بالفعل خلال المواجهات السابقة، لكن أداءها لم يكن أسوأ كثيرا من الأسواق الأخرى إلا في أثناء الحرب البرية بغزة العام 2014.

أما هذه المرة، فقد تفوق أداء سوق تل أبيب على مؤشر إم.إس.سي.آي العالمي على مدار الأسبوع الأخير، وهي قاب قوسين أو أدنى من ذروة قياسية.

ورغم أن تنامي ضغوط التضخم يدفع عوائد السندات للارتفاع، فإن عوائد سندات أسواق رئيسية مثل السوق الأمريكية ترتفع على نحو أسرع، مما يعني أن فروق الأسعار التي تحظى بالاهتمام إنما تتقلص.

وقال جوناثان كاتز كبير اقتصاديي السوق لدى ليدر كابيتال "ما تقوله السوق بالأساس هو إن هذا (الصراع) ليس قصة اقتصادية".

لكنه قد يصير كذلك.

فوكالة فيتش للتصنيفات الائتمانية تقول إن حقيقة أن القتال الدائر في غزة وحولها تصاحبه هذه المرة صدامات داخل إسرائيل بين اليهود والأقلية العربية التي تشكل 21 بالمئة من السكان تنطوي على مخاطر جديدة، بالتزامن مع فشل انتخابات هي الرابعة خلال ثلاث سنوات في إفراز حكومة مستقرة.

يضاف إلى ذلك أن إجراءات التعامل مع تداعيات جائحة فيروس كورونا رفعت نسبة الدين الإسرائيلي إلى 75 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، من 60 بالمئة.

وأبقت ستاندرد أند بورز جلوبال على تصنيفها لإسرائيل البالغ ‭‭‭AA-‬‬‬ دون تغيير يوم الجمعة، متوقعة استقرار مستوى الدين لبعض الوقت، وإن أقرت بأن الإنفاق العسكري قد يرفعه.

وقالت "الضغوط قد تتزايد على التصنيف إذا طال أمد المخاطر الأمنية والسياسية ذات الصلة بالانفجار الحالي".

لكن المستثمرين الذين اقتنصوا سندات إسرائيلية وصلت قيمتها إلى 17.6 مليار دولار بالأسواق العالمية العام الماضي - في ثاني أكبر حجم إصدارات بين الاقتصادات الناشئة - لا يرون ما يبرر العدول عن رأيهم.