عائلتان ليبيتان تعودان لديارهما بجراح الحرب وتأملان في السلام

طرابلس/بنغازي (ليبيا) (رويترز) - اتفق طرفا الحرب في ليبيا على وقف إطلاق النار، وعادت عائلتا بوزيد وعلي إلى ديارهما بعد سنوات من الفرار من أجل السلامة والنجاة.

ومثل عائلات كثيرة على الجبهات المتقابلة من خطوط المواجهة، فقدت العائلتان أحباء وخسروا سبل المعيشة واحترقت أحلامهم في لهيب الصراع المستمر منذ عشر سنوات تقريبا.

ولا تزال عقبات هائلة تقف في طريق التسوية السياسية الدائمة، لكن عائلة بوزيد بدأت ببطء ترميم ركنها الصغير الخاص وهو مزرعة تعرضت للنهب في جنوب طرابلس، عادت إليها بعد انتهاء القتال في المنطقة في يونيو حزيران.

قال محمد بوزيد (45 عاما) إنه كان يجلس مع والديه في منتصف النهار يشربون الشاي ويستمتعون بالنظر إلى محاصيلهم. أضاف "جاءت الحرب وهربنا" وعندما عادوا لم يجدوا شيئا باقيا لهم.

وإلى الشرق في بنغازي، اضطرت عائلة علي للرحيل عن حي شارع مصراتة عندما اندلع القتال في أنحاء ثاني أكبر مدينة ليبية في عام 2014.

عادت العائلة في 2018 وكانت متلهفة للعودة حتى أنها تجاهلت تحذيرات المسؤولين من الألغام والقنابل التي لم تنفجر.

وقالت ناصرة عبد الله علي، التي تعيش الآن مع أمها وخمسة أشقاء في شقة وسط الحطام "رأيت بنفسي أربعة ألغام تنفجر".

وكان معظم القتال الذي شهدته البلاد في الآونة الأخيرة في غربها مع الهجوم الذي شنته قوات شرق ليبيا (الجيش الوطني الليبي) بقيادة خليفة حفتر على مدى 14 شهرا لانتزاع السيطرة على طرابلس، مقر حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا.

وأدت معارك سابقة خلال سنوات الفوضى التي أعقبت انتفاضة عام 2011، التي دعمها حلف شمال الأطلسي وأطاحت بمعمر القذافي، إلى تدمير أجزاء كبيرة من بنغازي ومدن أخرى.

ووافق الطرفان الأسبوع الماضي على وقف إطلاق النار وستستضيف الأمم المتحدة الشهر المقبل اجتماعا في محاولة للوصول إلى تسوية سياسية دائمة وتحديد موعد لإجراء انتخابات.

احصل على التطبيق

انضم إلى ملايين المستخدمين الذين يحصلون على أحدث أنباء الأسواق بأقصى سرعة على Investing.com

حمل الآن

وشهد الليبيون من قبل انهيار اتفاقات لوقف إطلاق النار ومحادثات سلام. ويشك الكثير منهم في أن الوضع سيكون مختلفا هذه المرة.

* إحياء مزرعة أصابها البوار

جمع محمد بوزيد ووالده يونس (70 عاما) وهما يعملان في مزرعتهما ذخائر فارغة من الحقول تكفي لملء عشر حقائب. يتحسر الرجل ووالده على أشجار الفاكهة التي احترقت وعلى ما فقدوه من الماشية والخراف.

وقال محمد إن المكان كان يكتسي بالكامل بثوب أخضر وإنه يسقي أشجار البرتقال منذ كان في السابعة من عمره لكنهم عندما عادوا وجدوا كل شيء جافا ويابسا.

كانا قد غادرا المزرعة الواقعة في منطقة عين زارة عندما شن حفتر حربه العام الماضي، وعادا فقط بعد تراجع قواته.

وترك القتال بصماته في شارع وراء شارع بالمنطقة حيث قُطعت خطوط الكهرباء (SE:5110) واحترقت المتاجر والمنازل. وطال الدمار مزرعة عائلة بوزيد التي تبعد مسافة تقطعها السيارة في دقائق قليلة على طريق وعر.

وقال يونس إنه لا توجد كهرباء ولا ماء لكن لديه بئرا وإنه استخدم مولدا لتشغيل مضخة ليروي المزرعة. وأضاف أن كل هذا نتيجة جهود شخصية ومدخرات.

وأضاف أن عائلته، التي لديها أصدقاء في شرق ليبيا، لم تعد تريد سوى وقف إراقة الدماء.

* عودة إلى الحطام

تطل شقة ناصرة عبد الله علي على حطام خرساني. ترك الرصاص ثقوبا وتركت القذائف فجوات في جدران المباني القريبة.

وأمضت المحامية التي تبلغ من العمر 30 عاما سنوات بعيدا عن شارع مصراتة مع باقي أفراد عائلتها في مزرعة ثم في غرفة بمدرسة.

وخلال فترة غيابها، دُمر المتجر الصغير الذي كانت تديره العائلة.

ومع ذلك فإن الوضع، بالنسبة لبعض الجيران، أسوأ بكثير. ويضطر الجندي المتقاعد جمال الملاح وزوجته للعيش في منزل صديق بعدما دُمر منزلهما.

فقد لحق الدمار جزئيا بشقة عائلة علي، لكن لا يزال من الممكن العيش فيها مع أنهم اضطروا لتوصيل أسلاك (SE:1301) الكهرباء وحمل المياه بأنفسهم. ويتحصل إخوة ناصرة الآن على ما يكفي بالكاد لسد الرمق من أعمال يومية مؤقتة.

لكن ناصرة قالت "عندما عدنا كنا سعداء. لقد كان شعورا جميلا ورائعا بالعودة إلى المنطقة".