البداية الجريئة للسيسي بشأن الإصلاح الاقتصادي تتيح لمصر بعض الوقت

رويترز

تم النشر 23 يوليو, 2014 17:18

محدث 23 يوليو, 2014 17:30

البداية الجريئة للسيسي بشأن الإصلاح الاقتصادي تتيح لمصر بعض الوقت

من ستيفن كالين

القاهرة (رويترز) - حقق الرئيس المصري الجديد عبد الفتاح السيسي بداية قوية في التصدي للمشكلات الاقتصادية للبلاد إذ تمكن من إدخال إصلاحات طال انتظارها لنظام الدعم دون إثارة اضطراب شعبي.

كانت حكومة السيسي التي تشكلت في يونيو حزيران قد أعلنت هذا الشهر زيادة أسعار منتجات الطاقة التي تحظى بدعم كبير بما وصل إلى 78 في المئة كما فرضت ضرائب جديدة على الأفراد والأرباح الرأسمالية وذوي الدخول العالية.

تلك الخطوات ما هي إلا بداية لما يتوقع أن تكون عدة سنوات من التقشف المؤلم للمصريين حيث تستهدف الدولة التخلص من عجز هائل في الميزانية تشير تقديرات إلى أنه سيصل إلى 10 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية التي بدأت في الأول من يوليو تموز.

ولتخفيف وطأة الإجراءات على المواطنين العاديين كشفت الحكومة النقاب أيضا عن بعض الاجراءات منها خدمات نقل مجاني في حافلات الجيش وطرحت المزيد من المنتجات الغذائية بأسعار مدعمة بشدة.

غير أنه في الوقت الذي رحب فيه المستثمرون بالبداية الجرئية للسيسي فهم يقولون إن الجهود اللازمة لإحداث تحول في الاقتصاد والمالية العامة للدولة لم تكد تبدأ بعد.

وفي ظل الحاجة إلى إصلاحات أوسع مدى فربما لا يكفي الكلام والمسكنات الموضعية فقط لاحتواء السخط في بلد أطاحت فيه الاحتجاجات الشعبية برئيسين خلال ثلاث سنوات.

وقالت كولين شيب محللة شؤون الشرق الأوسط لدى كونترول ريسكس لاستشارات المخاطر الدولية "سيكون من الأصعب أن يقبل المصريون مزيدا من التخفيضات في الدعم إذا لم يروا على الأقل بعض تلك الثمار أو إذا شعروا بأنها لا توزع بشكل عادل" في إشارة إلى تعهدات الحكومة بانفاق ما توفره من خفض دعم الطاقة على زيادة أجور موظفي القطاع العام وعلى التعليم والرعاية الصحية ومعاشات التقاعد.

احصل على التطبيق
انضم إلى ملايين المستخدمين الذين يحصلون على أحدث أنباء الأسواق بأقصى سرعة على Investing.com
حمل الآن

وناشد السيسي - الذي كان قائدا للجيش عندما عزل الرئيس الإسلامي محمد مرسي قبل نحو عام عقب احتجاجات واسعة ضد حكمه - المصريين التضحية في وقت تحاول فيه الحكومة إنعاش اقتصاد تضرر بسبب انخفاض الاستثمار الأجنبي وتراجع السياحة منذ الاطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك في العام 2011.

ويبلغ دعم الغذاء والطاقة عادة نحو ربع الإنفاق الحكومي وقالت شيب إن أي تخفيضات في الدعم في المستقبل قد تثير "اضطرابات شعبية خطيرة إذا لم تطبق بشكل تدريجي مصحوبة بتنبيهات مسبقة وإجراءات تعويضية ملائمة."

ومنذ انتخاب السيسي في مايو ايار فرض قانونا يقيد التظاهر أسكت جميع المعارضين تقريبا باستثناء مؤيدي الإخوان المسلمين جماعة المعارضة الأشد والمحظورة حاليا.

لكن محللين يقولون إن الافراط في التقشف قد يدفع المصريين العاديين إلى النزول للشوارع مجددا ويشكل ذلك إلى جانب التحديات الأمنية التي يمثلها المتشددون في سيناء وعلى الحدود مع ليبيا خطرا قد يحبط برنامج الإصلاح الاقتصادي.

ويشير المستثمرون إلى أن مصر كانت في وضع مالي بالغ الصعوبة قبل نحو عام. وعلى الأقل وضع السيسي الدولة على طريق طويل للتعافي وفي علامة على تفاؤل المستثمرين فقد ارتفع مؤشر الأسهم القيادية بمصر ثمانية في المئة منذ مطلع يونيو حزيران. لكن ينبغي للسيسي أن يضع خطة للتعافي في المدى المتوسط.

وقال بريان كارتر مدير محافظ ديون الأسواق الناشئة لدى أكاديان لإدارة الأصول في بوسطن إن مصر كانت "مفلسة بلا ريب. لم يكن ممكنا تحمل الدين.. أو تمويل العجز وتبددت الاحتياطيات."

وأضاف "نصبر عليهم حتى يعالجوا الأزمة الحالية ونتطلع قدما للإعلان عن أهداف متوسطة الأجل عندما يتاح لهم الوقت للتركيز على ذلك."

ولم يعلن السيسي خطة للأجل المتوسط أو يكشف حتى النقاب عن مستشاريه الاقتصاديين وترك المراقبين يتكهنون بشأن كيف ينوي إصلاحات المالية العامة وجذب أنشطة الأعمال مجددا.

ولم يتحدث أيضا عما إذا كان يفضل العودة إلى المحادثات للحصول على قرض من صندوق النقد الدولي والتي فشلت في العام الماضي خلال حكم مرسي الذي لم يكن راغبا في إدخال إصلاحات لأنظمة الدعم والضرائب لا تحظى بقبول شعبي.

وقال كريستوفر جارفيس رئيس بعثة صندوق النقد الدولي إلى مصر إن تحركات الحكومة الجديدة نحو تعزيز الوضع المالي هي "خطة أعدت محليا وخطوة مهمة للأمام". وقد تعدل وكالات التصنيف الائتماني توقعاتها لمصر بالرفع.

غير أنه لا يزال ينظر على نطاق واسع إلى قرض صندوق النقد الدولي باعتباره ضروريا لضمان تعافي الاستثمار الأجنبي الذي هوى من ثمانية مليارات دولار سنويا قبل الاطاحة بمبارك. ويمكن الاعتماد على المساعدات الخليجية المستمرة لسد الفجوات المؤقتة في التمويل.

وفي الداخل كانت ردود الفعل على إجراءات التقشف خافتة بشكل ملحوظ. فقد شكا سائقو سيارات الأجرة في القاهرة من تقلص هوامش أرباحهم في حين تذمر ركاب الحافلات الصغيرة من ارتفاع الأجرة وصب البعض غضبهم على السيسي بسبب ما يعتبرونها خيانة منه لهم لكن المعارضة المنظمة لم تكن موجودة فعليا.

ودأب السيسي على التحدث بلغة عامية بسيطة تروق للفقراء ليشرح ضرورة التقشف.

وقال كارتر مدير محافظ ديون الأسواق الناشئة لدى أكاديان لإدارة الأصول "السيسي ليس مبارك" في إشارة إلى الرئيس السابق الذي كان يعتبر منفصلا عن العامة.

لكن السيسي سعى أيضا لسحق المعارضة لسياساته من كل الاتجاهات .. إسلامية أو علمانية.

كما التزم رجال الأعمال الصمت غالبا برغم شعورهم بضغوط من قبل الحكومة التي تبحث جاهدة عن إيرادات.

وقال هاني توفيق رئيس مجلس إدارة الجمعية المصرية للاستثمار المباشر "لا يمكنك تهديد (السيسي). لو قلت له ‭‭'‬‬إذا لم تعطني فسأرحل‭‭'‬‬ فسيقول لك إرحل فورا."

ويشهد النصف الثاني من العام حدثان مهمان. فالانتخابات البرلمانية قد تعزز سلطة السيسي السياسية. وقال إنها شرط مسبق لأي اتفاق مع صندوق النقد الدولي.

وسيشكل مؤتمر دولي للمانحين والمستثمرين قرب نهاية العام اختبارا بالنسبة للاقتصاد من حيث من سيحضر وحجم الاستثمارات.

وقال وزير الاقتصاد إن مصر ستعلن خطة استثمارية قرب أغسطس اب ربما تشمل مشروعات كبرى في البنية التحتية يمكن أن تساهم في معالجة مشكلة البطالة التي تبلغ رسميا 13 بالمئة لكنها من الناحية الفعلية أعلى بكثير.

وبرغم التفاؤل لا تزال هناك تحديات اقتصادية كبيرة. فقد يتطلب الأمر خفض دعم الوقود بما يصل إلى 25 بالمئة سنويا خلال السنوات الأربع القادمة كما تبحث الحكومة أيضا فرض ضريبة على القيمة المضافة.

ومن المتوقع أن تدفع التخفيضات في الدعم معدل التضخم إلى مستويات في خانة العشرات. وحتى في ظل إصلاحات المالية العامة سيظل عجز الميزانية مرتفعا لسنوات مع تنامي نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي التي بلغت 89.2 بالمئة في السنة المالية التي انتهت في يونيو حزيران 2013. ولم يتضح حتى الآن كيف سيعاد توجيه الأموال التي سيتم توفيرها من الدعم.