المتعاملون يختبرون تعهد أوبك "فعل كل ما يلزم" للدفاع عن سعر النفط

رويترز

تم النشر 23 يونيو, 2017 22:27

المتعاملون يختبرون تعهد أوبك "فعل كل ما يلزم" للدفاع عن سعر النفط

من هيننج جلوستين وديمتري جدانيكوف

سنغافورة/لندن (رويترز) - حين تعهدت السعودية، أكبر منتج في منظمة أوبك، في مايو أيار "بفعل كل ما يلزم" للدفاع عن أسعار النفط العالمية، فإنها لم تتوقع أن يختبر السوق تعهدها بعد شهر واحد فقط.

وفي الوقت الذي مددت فيه منظمة البلدان المصدرة للبترول تخفيضات إنتاج النفط، انخفضت أسعار الخام 18 بالمئة في 20 يوما فحسب. ويبدو أن أعضاء أوبك عازمون على عدم الاندفاع صوب تنفيذ تخفيضات أكبر في الإنتاج رغم ضغوط السوق.

واختار متعاملو النفط تجاهل الأنباء التي تدفع باتجاه صعود الأسعار، بما في ذلك انخفاض طال أمد انتظاره في مخزونات النفط الأمريكية أُعلن عنه يوم الأربعاء، وركزوا بدلا من ذلك على عوامل سلبية على غرار استمرار تخمة المعروض العالمي.

نتيجة لهذا، سجلت سوق النفط أسوأ أداء لها في الستة أشهر الأولى من العام خلال 20 عاما مما يشير إلى رفضها القبول بجدوي موقف أوبك ورغبتها في تخفيضات أكبر للإنتاج.

وصدر تعهد "كل ما يلزم" عن وزير الطاقة السعودي خالد الفالح خلال اجتماع في كوالالمبور في أوائل مايو أيار، ليكرر تعهدا قام به رئيس البنك المركزي الأوروبي مايو دراجي قبل خمس سنوات خلال معركته التي تكللت بالنجاح في الدفاع عن اليورو.

وقال بوب مكنالي رئيس مجموعة رابيدان لاستشارات السوق وسياسات الطاقة في واشنطن "لا يمكنك أن تحارب مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) لكن يمكنك محاربة أوبك.. البعض في أوبك يجب أن يخفض الإنتاج أكثر لكن لا أحد يرغب في ذلك".

ويسلط انخفاض أسعار النفط ومدى قدرة السعودية الدفاع عن الأسعار الضوء على عاهل المملكة في المستقبل، الأمير محمد بن سلمان البالغ من العمر 31 عاما، والذي عُين يوم الأربعاء وليا للعهد من قبل والده الملك سلمان.

والأمير محمد هو صانع القرار المطلق في قطاع الطاقة السعودي في العامين الأخيرين وقد تحولت استراتيجيته من توجيه الأوامر بزيادة إنتاج النفط للدفاع عن حصة أوبك السوقية إلى كبح الإنتاج لرفع الأسعار.

احصل على التطبيق
انضم إلى ملايين المستخدمين الذين يحصلون على أحدث أنباء الأسواق بأقصى سرعة على Investing.com
حمل الآن

* لعبة الانتظار

كان الفالح ووزراء آخرون في أوبك قالوا إن المنظمة لن تندفع صوب تنفيذ تخفيضات أكبر للإنتاج من المستوى الحالي البالغ أربعة بالمئة كي تكبح انخفاض الأسعار.

وقالوا إن المنظمة بدلا من ذلك ستنتظر حتى تتمخض التخفيضات المشتركة الحالية مع روسيا غير العضو في أوبك عن هبوط المخزونات العالمية خلال الربع الثالث من العام حين يرتفع عادة الطلب على النفط الخام.

وقالت مصادر في أوبك وفي روسيا لرويترز إنه لا مؤشرات تذكر على أن المنظمة تستعد لإجراء استثنائي قبل اجتماع لجنة المراقبة الوزارية المشتركة في روسيا نهاية يوليو تموز.

وقال وزير النفط الإيراني بيجن زنغنه يوم الأربعاء "نجري محادثات مع أعضاء أوبك كي نجهز أنفسنا لقرار جديد". وأضاف "لكن اتخاذ القرارات في المنظمة أمر صعب جدا لأن أي قرار سيعنى للأعضاء تخفيضات في الإنتاج".

وأطلق ارتفاع أسعار النفط بنهاية العقد الماضي وبداية هذا العقد مشاريع إنتاج متعددة في أنحاء العالم، بما في ذلك في تكوينات النفط الصخري الأمريكي، مما نتج عنه فائض عالمي دفع الأسعار للانخفاض من 120 دولارا للبرميل في 2014 إلى أقل من 30 دولارا للبرميل في العام الماضي.

وسعت أوبك وروسيا إلى تحقيق استقرار الأسعار عند 50-60 دولارا للبرميل عبر تخفيضات الإنتاج، لكن انخفضت أسعار خام القياس العالمي برنت انخفضت هذا الأسبوع صوب 44 دولارا للبرميل بسبب استمرار المخاوف بشأن فائض الإمدادات.

وزاد المتعاملون والمستثمرون رهاناتهم على أن أسعار النفط ستظل تحت ضغط. وتظهر سوق خيارات الخام الأمريكي أن أكبر تغير منذ اجتماع أوبك في حيازات عقود المشتقات استحقاق ديسمبر كانون الأول هذا العام كان في خيار البيع عند 45 دولارا للبرميل.

وزادت المراكز المفتوحة، التي تظهر عدد العقود المفتوحة المتداولة التي لم تُسيل بعد، أكثر من خمسة آلاف مجموعة في الشهر الماضي إلى نحو 38 ألف مجموعة بما يعادل 38 مليون برميل من النفط.

* النفط الصخري يعود بقوة

يقول أويستن برنتسن العضو المنتدب لشركة سترونج بتروليوم لتجارة النفط "توقفات الإمدادات العالمية تراجعت إلى مستوى منخفض جديد لم يُسجل في سنوات. النفط الصخري الأمريكي يعود بكل قوة...(وهناك) مستويات مرتفعة من المخزونات العائمة وعلى الأرض".

والولايات المتحدة ليست طرفا في أي اتفاقات لخفض الإنتاج ومن المتوقع أن تزيد الإنتاج من تكوينات النفط الصخري بما يصل إلى مليون برميل يوميا أو نحو عشرة بالمئة من إجمالي إنتاج البلاد من الخام.

وقال برنتسن إنه ما لم تعمق أوبك التخفيضات أو تحدث توقفات كبيرة وغير متوقعة في الإنتاج فإن الأسعار ستظل منخفضة.

وقال جريج مكينا كبير محللي السوق لدي أكسي تريدر للوساطة في العقود الآجلة "تعميق الخفض قد يكبح انخفاض الأسعار لكن أوبك بحاجة بالفعل للقيام بهذا بدلا من الحديث عنه فحسب".

وقالت مصادر في أوبك إن أحد الخيارات قد يتمثل في ضم عضوي أوبك ليبيا ونيجيريا في أقرب وقت إلى تخفيضات الإنتاج بعد أن نما إنتاجهما بقوة في الأشهر الأخيرة من مستوياته المنخفضة السابقة بسبب الاضطرابات. وفي الوقت الحالي فإن نيجيريا وليبيا معفيتان من اتفاق تخفيضات الإنتاج.

* أخطاء الماضي

تقول السعودية، ذات تكاليف الإنتاج الأرخص في العالم، مرارا إنها تعلمت من أخطائها السابقة عندما خفضت الإنتاج بقوة في الثمانينيات لرفع الأسعار لكنها فقدت حصة سوقية لصالح المنافسين.

وفي وقت سابق هذا العام، أبلغ مسؤولون سعوديون شركات نفط أمريكية مستقلة كبرى في محادثات مغلقة أنه ليس لهم أن يفترضوا أن أوبك ستمدد تخفيضات الإنتاج كي تبدد أثر ارتفاع الإنتاج الأمريكي.

وقال جيفري هالي، المحلل لدى أواندا للوساطة إن الخيار الآخر لأوبك هو أن تسمح لأسعار النفط بالانخفاض إلى مستويات حتى "قطاع النفط الصخري الأمريكي الحديث الأقل تكلفة سيعاني كي يحقق تعادل الإيرادات والمصروفات عندها".

وقد لا يكون ذلك بعيدا في الوقت الذي تقترب فيه الأسعار من مستويات التكلفة لشركات النفط الصخري الأمريكي المسؤولة عن زيادة الإنتاج التي تقوض جهود أوبك.

وقالت ريستاد إنرجي للاستشارات المتخصصة في التنقيب والإنتاج "فيما يخص (النفط الصخري في حوض باكن) فإن الآبار التي تم الانتهاء منها في 2016-2017، يبلغ متوسط سعر التعادل فيها نحو 38 دولارا للبرميل".

وبجانب متابعتها الوثيقة لأنماط الإنتاج الخاصة بمنافسيها، تحتاج أوبك إلى إبقاء نظرها على الطلب العالمي.