تضطلع هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية بمراقبة بورصات التداول في الولايات المتحدة، والأوراق المالية ككل. مؤخرا حاولت تلك الهيئة فرض سلطتها على فضاء العملات المشفرة، لمحاربة محاولات الاحتيال في بعض عمليات الطرح الأولي، التي انتهكت قوانين الأوراق المالية في البلد. منذ ذلك الحين وأصبحت العملات والمشفرة (وبتكوين )في الاتجاه العام للاقتصاد، وأصبح المستثمرون الأغرار في هذا الفضاء هدفا لمحاولات النصب.
مما يعني أنه يجب أن تحيط نفسك علما قبل استثمارك في طرح أولي للعملة بما تدعوه هيئة الأوراق المالية بثلاثي: المخاطر، والمكافآت، والمسؤوليات الدائرة حول العرض الأولي
أيها المشتري عليك توخي الحذر:
صار الطرح الأولي أحد أشهر الوسائل التي تساعد المشروعات الناشئة في جمع الأموال التي تحتاجها للنهوض بالمشروعات، دون الحاجة للاعتماد على وسطاء من أمثال: شركات استثمار رأس المال، أو البنوك الاستثمارية. إذا لم يكن لديك علم بمصطلح الطرح الأولي للعملة (يعرف بالإنجليزية اختصارا ICO) فهو: نسخة طرح أسهم للاكتتاب العام، ولكن في فضاء العملات المشفرة. ويطلق أحيانا على الطرح الأولي للعملات، الطرح الأولي للرموز (توكين). كما الحال في الاكتتاب العام، توفر عمليات الطرح الأولي للمساهمين ببعض الفوائد مثل حصة في مشروع نامي وسليم، بينما يكتفي البعض الآخر بالنظر لهؤلاء المستثمرين على أنهم فريسة، ويجردهم من أموالهم.
وزعمت هيئة الأوراق المالية في وقت مبكر من الأسبوع الجاري أن مؤسسي شركة Centra Tech سوهراب شارما، وروبرت فاركاس، كانا يعملان على سلب أموال المستثمرين عن طريق طرح الرمز CTR. واتهمت الهيئة الرجلين بـ"تنظيم عملية طرح احتيالية."
والمذكور أعلاه هو حالة من مجموعة حالات حدثت على نطاق واسع من الصناعات. فاتهمت الهيئة في أكتوبر الماضي ماكسيم زاسلافيسكي واثنيتين من شركاته ببيع أوراق مالية غير مسجلة. وأعلنت الهيئة أن زاسلافيسكي كان يبيع رموز رقمية، زاعما أن لها غطاء من الألماس والاستثمارات العقارية.
لسوء حظ المستثمرين الذي انخدعوا بالأصول التي طرحها زاسلافيسكي، لم يكن هناك ما يدعى مؤسسة REcoin، ولا يوجد أيضا منتدى احتياطي الألماس. تتضمن التهم الموجهة لزاسلافيسكي الادعاء الكاذب بجمع ما يتراوح بين 2 مليون و4 مليون دولار، في حين كان المقدار الفعلي للأموال المجموعة 300,000 دولار تقريبا.
بينما ظهرت على الساحة قضية أخرى تورطت فيها شركة.(.comNASDAQ:Overstock.).، وهي بائع تجزئة على الانترنت يبيع منتجات منزلية ومجوهرات. حاولت الشركة أن تتحول إلى مصنع للعملات المشفرة عن طريق الفرع الثانوي منها tZero. بنظرة على ما حدث لسهم تلك الشركة نجد: وقف تداول السهم في بداية العام عند 86.90، وحتى اللحظة، فقط 58$ من قيمته، ووقف سعر البيع عند إغلاق أمس على 36.65 دولار. تولد هذا الانخفاض من عمليات تصفية الشركة الحادثة بدافع من الشركة لتسديد ديون، وتمويل tZero. لكن لا يفيد هذا، فالشركة تخضع لتحقيق من هيئة الأوراق المالية.
نشر نائب الرئيس التنفيذي لشركة RT ProExec في أوهايو كيفين إم لاكروا، وثيقة يذكر فيها بأن ما يحدث لشركة Overstock يتجاوز كونه مجرد قصة أخلاقية من القرن ال، 21. فكتب أن جهود هيئة الأوراق المالية لفرض سطوة القانون على ذلك الفضاء، رغم البطء، فسوف تفضي إلى القضاء على كافة الأعمال الخارجة على القانون.
في الآونة الراهنة، على الأقل في الوقت الحالي، ستظهر شركات -حتى إذا كانت ذائعة الصيت مثل Overstock- تتورط في مشكلات من خوضها مجال الأصول الرقمية. وفق لاكروا:
"كبداية يوجد سياق لمسرحية Overstock. هذا السياق هو المبالغ الطائلة التي يمكن أن تجمعها شركة من عملية الطرح الأولي للرموز أو العملات المشفرة، فوفق CoinSchedule، جمع القائمين على عمليات الطرح الأولي في العام 2017 مبلغ قدره 3.88 مليار دولار أمريكي، من خلال 210 عملية، وهذا الرقم مثير للإعجاب. وتطور الأمر في العام الجاري، ففي الشهور الثلاثة الأولى من هذا العام، وفق المصدر السابق ذكره، جمع القائمون على عمليات الطرح الاولي مبلغ قدره 4.9 مليار دولار من خلال 158 عملية طرح. بجمع تلك المبالغ نحصل على مجموعة 8.8 مليار دولار خلال عامي 2017، و3 شهور من 2018، من ضمن هذا المبلغ يوجد حوالي 6 مليار دولار تم جمعها خلال 4 شهور (من ديسمبر إلى مارس). بغض النظر عن شعورك بشأن كل هذا، عليك أن تعترف بأنه نشاط اقتصادي كبير جدا."
تراس شملتز شريك يعمل في مكتبي بارنيز آند ثرونبرج في شيكاغو ونيويورك. ويشرح تراس بأنه أضحى واضحا وضوح الشمس أن هيئة الأوراق المالية تنوي النظر إلى أي عملية طرح أولي نظرتها لعمليات بيع الاوراق المالية، فعليها إما أن تسجل أوراقها لدى الهيئة، أو أن تحصل على إعفاء من التسجيل.
"كافة النقاشات حول ما إذا كانت العملات خلال الطرح الأولي لا تعدو كونها رموز أو تتجاوز ذلك لتتصف بسمات الأوراق المالية، يعتبر نقاشا أكاديميا. ستتابع الهيئة إنفاذ القانون ضد أي شخص يرغب في الاستفادة من السوق الرأسمالية في الولايات المتحدة دون أن يخضع لقانون الأوراق المالية التي تحكم البلاد. وبالطبع ستطبق القانون على الرموز الوهمية، التي أوضحت التحقيقات الأخيرة أن متواجدة لجمع الأموال من المستثمرين."
يخشى شملتز أن تصبح القوانين مشددة. ففي الحقيقة، يتلاشى تدريجيا ما اتسم به مناخ العملات المشفرة سابقا من وحشية وبربرية في عمليات الاحتيال. ويوجه شملتز نصيحة لأي شخص يرغب في تدشين عملية طرح أولي لعملة:
"ونتيجة لتلك القبضة التنظيمية، يتعين على أي شخص مقدم على بيع رمز دون تسجيل أو حصول على إعفاء من التسجيل أن يضع في الاعتبار فعل 3 أشياء، هي: 1) التأكد من أن عملية تدشين العملة غير مرتبطة بأي شكل من أشكال جمع الأموال. 2) لديه مفهوم واضح ومبرهن عليه لاستخدامات الرمز (التوكين) الخدمية. 3) أن يكون مستعدا لتزويد المستخدمين سريعا بقدرة على ولوج سلسلة الكتل التي يمكنهم استعمال الرموز (التوكين) عليها. فبينما أنت ما تزال عالق في مرحلة التطوير ووضع المنظور، لا يتوجب عليك أن تبدأ عملية الطرح الأولي."
رغم أن جهود هيئة الأوراق المالية ربما تعتبر جهود تضييقية على العملات المشفرة، فالمستمرون في هذا المجال محتاجون لأن يكونوا أكثر حذر. ويشدد مدير العمليات لشبكة Firmo إلاد شابي أن أي قرار استثماري يجب أن يتبعه ويصاحبه حذر شديد، ومعرفة بمؤسسي العملة، والفريق الذي يعمل عليها. كما يجب أيضا إجراء تحقيق حول السجلات الموجودة لديهم، ومعرفة سمعتهم في الفضاء المشفر.
"أيضا يجب التوصل إلى معلومات عنهم، حول ما إذا كانوا ملتزمين ومكرسين وقتهم للشركة القائمة على عملية الطرح الأولي. ويجب أن يسترشدوا بأول المستثمرين المساهمين في عملية الطرح. فأول مستثمر هو مستثمر مدى طويل، يعتقد بأن المنتج والتكنولوجيا التي تقوم عليها الشركة مجدية، أو هو دليل على أن هذه الشركة مجرد وسيلة لتحصيل الأموال بسرعة وسهولة. ويجب أن يكون نموذج الرمز (التوكين) صالح، مما يعني أن الشركة إذا أصبحت ناجحة سينعكس هذا على معدل الطلب على الرمز وسعره. ويجب أن يصاحب معايير المستثمر والمنتج مجموعة أخرى من المعايير المتعلقة بالسعر على المدى الطويل. والأهم من كل هذا، هو أن تبحث عن إجابات للأسئلة التي تطرحها على نفسك قبل الدخول في أي مشروع ناشئ، يجمع أموال للمرة الأولى."
الحمقى وحدهم من يتسرعون
يقول دكتور جيب ستوكهولم، وهو محامي في زيورخ متخصص في قوانين العملات المشفرة.
"الحمقى يتسرعون، حينما تخشى الملائكة الدخول. فعلاج انتهاكات قوانين الاوراق المالية يكمن في الآتي: إلغاء الطرح، أوامر التوقف والحجب، والعقوبات، والغرامات، والحظر من المشاركة في صناعة الأوراق المالية، والحظر من العمل كمدير أو مشرف في أي شركة عامة، وربما يجب جعل القائم على عملية الخداع يمتثل أمام السلطات المحلية لينال محاكمة جنائية."
ويوضح ستوكهولم أن مشاريع سلسلة الكتل يمكن القيام بها بنموذج الند للند، دون التقيد بالحواجز المادية، فهناك مخاطرة رئيسية يجب الحذر منها هنا، وهي: الرمز والطرح يمكن أن يتولد عنه العديد من المخاطر القانونية من العديد من البلاد التي تعتمد على قوانين أوراق مالية سيادية. فيحب التحري عما إذا كان الرمز عملة مشفرة، عندما يتم التحقيق في مشروع سلسلة الكتل (بلوكشين).
يوجد مجموعة من النقاط الأساسية يجب وضعها في الذهن، فوفق ستوكهولم العملات المشفرة قانونية في بعض البلدان، ولكن التنظيم يخضع للسلطة القضائية المحلية للمنطقة التي سيتم استخدام الأوراق المالية المشفرة فيها. ويعتمد الوضع القانوني أيضا على الغرض الدافع لعملية الطرح.
ولتحديد ما إذا كان الرمز عملة مشفرة أم لا يجب تطبيق مبدأ المحاسبة "الجوهر قبل الشكل". فلا يتوقف الامر عند الأغراض المعلنة أو القناع الخارجي للرمز، بل يجب أن تمتد عملية الفحص إلى الحقائق والملابسات ومن ضمنها: الحقائق الاقتصادية حول المعاملات، والتي تحدد ما إذا كان الرمز فعلا ورقة مالية رقمية.