على الرغم من العديد من العوامل الاساسية التي كان من المفترض أن تنعكس ايجابا على الذهب، تراجع المعدن الأصفر خلال الأيام الماضية بعد أن شهد انطلاقة سريعة اختبر خلالها مستويات 1300 دولار للأونصة ولنشهد معها موجة من التساؤلات حول الأسباب التي دفعت بالذهب للتراجع على الرغم من كونه ملاذا آمنا والوقت الحالي هو الأكثر حاجة للجوء إلى الملاذات الآمنة في ظل استمرار حالة عدم اليقين في العديد من أنحاء العالم.
وذهب البعض لأبسط وسائل التحليل بربط هذا التراجع ببساطة بقوة الدولار الأمريكي والعلاقة العكسية ما بين الذهب والدولار. لكن الأمر قد لا يكون بهذه البساطة ومن المبكر أن نطلق الأحكام حول حقيقة التراجعات التي شهدها الذهب.
شخصيا أميل أكثر إلى عمليات تسييل لمراكز مضاربية على المدى القصير في ظل احتواء الأسواق لحالة عدم اليقين والتي يمكن أن تثور في أي لحظة وتوجه البعض نحو الدولار كبديل للملاذ الآمن التقليدي في ظل البيانات القوية التي يشهدها الاقتصاد الأمريكي.
مرة أخرى لا داعي للتسرع في الحكم ولننظر إلى بعض الحقائق التي يجب أخذها بعين الاعتبار قبل اطلاق الأحكام حول اتجاهات الذهب المقبلة.
فالبيانات الاقتصادية الجيدة التي شهدناها من الولايات المتحدة جميعها جاءت قبل أن تصل المفاوضات التجارية بين الصين والولايات المتحدة إلى مرحلة جديدة من الضغط من قبل الطرفين وتنفيذ التهديدات وبالتالي فإن انعكاس اثر الحرب التجارية على الاقتصاد الامريكي لم تحتويه البيانات السابقة وسيبدأ فعليا بالتأثير بشكل أكبر خلال الربع الثالث من هذا العام وهو ما قد نشهد معه عودة الاخبار السلبية إلى الولايات المتحدة وتراجع المؤشرات الاقتصادية وهو الأمر الذي قد يدفع العديد لتغيير نظرتهم الحالية لقوة الاقتصاد الامريكي.
بالطبع قد يكون هناك من يتوقع حلولا خلال فترة قصيرة يرضخ فيها أحد الطرفين أو نصل إلى نقطة وسط ولكن التأثير قد يكون قد اخذ طريقه وما كسر لا يمكن اصلاحه بسرعة مما قد يقلل من التوقعات لنمو الاقتصاد الأمريكي والاقتصاد الصيني بل قد يمتد إلى الاقتصاد العالمي.
الأمر الأكثر أهمية هنا هو النظر إلى توجهات الصناديق الكبرى ومن أهم هذه الصناديق هو صندوق SPDR® Gold Shares (NYSE:GLD) وهو صندوق متداول في البورصة يتبع في تصميمه سعر الذهب واللافت هنا أن التدفقات الداخلة إلى الصندوق قد شهدت ارتفاعا خلال الاسبوع الماضي بعد أن استمرت لفترة بالتراجع وهو ما يجعلنا ننظر إلى امكانية قيام مستثمرين بالبدء ببناء مراكز شراء على المدى الطويل على الذهب وهو ما يمكن أن نتأكد منه خلال الفترة المقبلة إذا استمر فعليا التزايد في حجم التدفقات الداخلة إلى هذا الصندوق.
كذلك لا ننسى أن هناك دعما قويا للذهب إذا تمكن من الصمود قد يكون دافعا للذهب للعودة والارتداد بقوة من جديد حيث يقف هذا الدعم عند مستويات 1266 والتي باختبارها يكون الذهب قد حقق اختبارا ثالثا لقاع ضمن تحركه الافقي على المدى المتوسط.
ما يبقيني من فريق الدفاع عن الذهب هو بقاء العوامل المسببة للنفور من المخاطرة قائمة حتى اللحظة والأزمات تتوالى وبالتالي لا يمكن أن نستبعد عودة الزخم للارتفاع على الذهب في أي وقت يسقط فيه أحد العوامل التي تضغط على الذهب حاليا واهمها قوة الدولار الأمريكي وبعض الارتياح في اسواق الأسهم وهو أمر قد لا يطول انتظاره طويلا.