ما بعد الكورونا: كيف سيكون التعافي الاقتصادي؟ ومن ينتظره الركود ومن سينجو؟!

بعد أكثر من عام منذ بداية جائحة فيروس كورونا واقتراب عام 2020 الاستثنائي من الانتهاء، كيف ترى أداء الاقتصادات، وما تقيمك للأوضاع؟ ومن استطاع الصمود أمام هذه الموجة العاتية ومن انهار تحتها؟ لنتعرف سويًا في التقرير التالي، ما هي مسارات التعافي التي تنتظرها الاقتصادات حول العالم، خاصة مع بداية إنتاج اللقاحات وسباقهم مع الزمن للإنقاذ الأرواح والاقتصاد من هذا الفيروس.

وما بدا كأنه انتعاش حاد للنمو على شكل (V) - أفضل سيناريو - بعد أول إغلاق بسبب الوباء، يبدو الآن وكأنه (W) - أسوأ سيناريو. ومن بين عدد لا يحصى من الحروف والدلالات التي يستخدمها الاقتصاديون لوصف التوقعات الاقتصادية ومستقبل العالم الذي انقلب رأسًا على عقب فيروس يُدعى "كوفيد-19"، غيرت الأخبار المشجعة عن لقاح شركة فايزر (NYSE:PFE) (Pfizer) قواعد اللعبة بالنسبة للنمو العالمي.

وفيما يلي بعض الأشكال المستخدمة لوصف النظرة المستقبلية خلال الأوقات غير العادية، وما هو المسار المتوقع لكبرى الاقتصادات؛ الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ومنطقة اليورو والصين.

1) حرف "W":
- يُعرف أيضًا باسم "الركود المزدوج"، ويقدم هذا السيناريو مسارًا مغريًا بالتعافي، ولكنه يعود إلى الانخفاض الحاد مرة أخرى، ثم يدخل أخيرًا فترة التعافي الكاملة التي قد تصل إلى عامين أو أكثر. وتكون المرحلة الثانية من الركود المزدوج أقل قسوة من الأولى لأن المستهلكين والشركات أكثر استعدادًا. وهذا السيناريو هو الأقرب للحدوث حاليًا للاقتصادات الكبرى مثل الولايات المتحدة وأوروبا، التي تواجه الموجة الثانية القاسية من فيروس كورونا وإعادة القيود على الاقتصاد والإغلاقات.
فمثلًا، يتوقع أن يتحول الانتعاش الاقتصادي في منطقة اليورو في الربع الثالث مع إعادة فتح الاقتصاد بعد عمليات الإغلاق الأولى، إلى انكماش آخر في الربع الأخير من 2020.

2) حرف "V":
- في هذا المسار، نرى أن التراجع الحاد في الاقتصاد يتبعه بسرعة وعلى الفور انتعاش سريع يعود إلى ذروته السابقة في أقل من عام، وكأن شيئًا لم يحدث، مدعومًا بشكل خاص بالإجراءات الاقتصادية والتحفيزات والسياسات الداعمة والإنفاق الاستهلاكي القوي.
ويظل المسار "V"، أفضل سيناريو، هو الحرف الأساسي المتوقع لآسيا، التي لم تتضرر بشدة من الموجة الثانية للفيروس. والصين هي الوحيدة من الاقتصادات الكبرى الرئيسية التي ستتوسع هذا العام، وفقًا لصندوق النقد الدولي، الذي يتوقع نموًا بنسبة 1.9% في 2020 و8.2% في 2021.

3) الجذر التربيعي "√":
- يشير الجذر التربيعي إلى انخفاض، يتبعه انتعاشًا، ثم يسير الاقتصاد في مسار أفقي عرضي. وهذا المسار أكثر صعودًا وانتعاشًا من شكل الركود المزدوج (W)، ولكنه أقل تفاؤلًا من شكل (V). ويوضح هذا الشكل أنه بالرغم من أن عمليات الإغلاق المتجددة ستقلص النمو، إلا أنها لن تؤدي بالضرورة إلى مزيد من التراجع والانكماش. وهو المسار المتوقع لبريطانيا بعد بداية توزيع اللقاح هذا الأسبوع.

4) الشكل اليوناني "μ":
- إذا انكمش نمو منطقة اليورو بشكل أقل حدة مما متوقعًا، قد يتخذ التعافي شكل الحرف اليوناني "μ" - وهي نظرة مستقبلية أقل قسوة قليلاً من الركود المزدوج الذي يميز حرف "W".
وتوسع اقتصاد منطقة اليورو بنسبة 12.7٪ في الفترة من يوليو إلى سبتمبر (الربع الثالث)، بعد انكماش بنسبة 11.8٪ في الربع السابق. ومن المفترض أن تؤدي هذه القفزة والانتعاش الأكبر من المتوقع إلى رفع متوسط النمو في عامي 2020 و 2021، مما يؤدي إلى طمس تأثير أي انكماش في الربع الأخير من 2020. وفي يوليو الماضي، قالت المفوضية الأوروبية إن اقتصاد الدول الـ19 التي تستخدم اليورو سوف ينمو بنسبة 4.2% لعام المقبل. كما إنه من غير المتوقع أن يعود الاقتصاد إلى "مستوى ما قبل الوباء" قبل عام 2023.

5) حرف “K”:
- هذا سيناريو آخر قيد النظر للاقتصاد الأمريكي على شكل حرف "K"، حيث تسير القطاعات في مسارات متشعبة ومتعاكسة. إذ تستعيد بعض القطاعات مثل التصنيع والتكنولوجيا والتجزئة بعض قوتها وتنتعش مع تخفيف القيود، بينما تعاني قطاعات أخرى مثل الخدمات والسفر والسياحة والترفيه حتى يظهر تأثير اللقاح على أرض الواقع والبيانات الاقتصادية.
ولم يقول رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول حرفيًا بأن مسار التعافي من الركود في الاقتصاد الأمريكي سيأخذ شكل حرف "K"، ولكن هذا ما قصده عندما أعرب عن مخاوفه من أن الولايات المتحدة ستشهد "تعافيًا ثنائي المسار" تتحسن فيه الأمور بسرعة لبعض الأشخاص، بينما تظل سيئة للآخرين.

وأخيرًا، فترات الركود وأجوائها صعبة على أي شخص أن يعيشها. ومع ذلك، توقع شكل التعافي منه قد يجعلها أقل قسوة بدرجة يمكن تحملها. ولنصبر قليلًا، فأننا على أعتاب انفراج الأزمة.