Investing.com - عاشت الأسواق أسبوعًا عاصفًا وسط تقلب البيانات الصادمة التي أطاحت بالدولار من قمة 20 عام بينما منحت الذهب متنفسا للابتعاد عن قاع 3 أشهر.
وفي المقابل خرج الروبل الروسي منتصرًا رغم الارتفاعات القياسية للدولار ‘جمالا قبل التعثر، حيث ارتفع الروبل إلى أعلى مستوياته مقابل الدولار في أكثر من 30 شهر بينما زاد مقابل اليورو لقمة 5 سنوات.
وبعيدًا عن العملات والملاذات الآمنة، يقف النفط يعاني حالة من الشد والجذب بفعل صراع محتدم حول حظر النفط الروسي وسماعي واشنطن إيجاد البديل لأوروبا التي لم تتفق حتى الآن على قرار الحظر.
الدولار يترجل عن قمة 20 عام
عمق مؤشر الدولار من خسائره الصباحية ليهبط دون مستويات 103 نقطة، تزامنا مع اتساع تراجع العائد على سندات الخزانة الأمريكية وصدور البيانات السلبية بشأن طلبات الإعانة.
وانخفض مؤشر الدولار خلال أسبوع من مستويات قرب الـ 105 نقطة نزولا إلى مستويات دون مستويات الـ 103 نقطة، وذلك بالتزامن مع هبوط العائد على سندات الخزانة خلال أسبوع من مستويات 3% إلى 2.8%.
وأججت بيانات البطالة السلبية مشاعر الركود الاقتصادي التي تعيشها الأسواق في الأيام الأخيرة والتي انعكست تداعياتها على الأسواق يوم الأربعاء الماضي
وارتفعت معدلات الشكاوى من البطالة الأمريكية خلال الأسبوع الماضي إلى 218 ألف طلب مقابل توقعات بتسجيل 200 ألف طلب، بينما سجلت الطلبات في الأسبوع قبل الماضي 197 ألف طلب.
وقال بنك جيه بي مورجان أن قلق المستثمرين في أسواق الأسهم بشأن حدوث ركود اقتصادي محتمل لا يظهر تمت المبالغة فيه.
وقال ماركو كولانوفيتش المحلل في جي بي (EGX:AUTO) إن أسواق الأسهم الأمريكية والأوروبية تسعر احتمالية 70% لحدوث ركود اقتصادي على المدى القريب.
في حين أن سوق الديون من الفئة الاستثمارية تسعر احتمالية حدوث ركود اقتصادي عند 50%، وتصل النسبة إلى 30% في سوق الديون مرتفعة العائد، و20% في أسواق الفائدة.
وكانت المخاوف بشأن حدوث ركود اقتصادي عالمي تتزايد في الأشهر الماضية، بفعل الحرب الروسية في أوكرانيا وعمليات الإغلاق في الصين بسبب انتشار جائحة "كوفيد-19"، بالإضافة إلى تشديد السياسة النقدية من جانب مجلس الاحتياطي الفيدرالي.
وقال كولانوفيتش إما أن تثبت أسواق الأسهم صحة توقعاتها ويحدث ركود اقتصادي، ما يؤدي إلى حدوث هبوط أكبر في عوائد السندات، أو تثبت أسواق الفائدة صدق رؤيتها ويتم تجنب الركود، وهو ما قد يؤدي لانتعاش في أسواق الأسهم.
الذهب يخرج من قاع 3 أشهر
وانعكست البيانات السلبية للدولار والاقتصاد الامريكي سريعا على أسعار الذهب التي اندفعت لتسجيل مكاسب قوية لتتجاوز مستويات الـ 1840 دولار.
وقفزت أسعار الملاذ الآمن خلال أسبوع من مستويات قرب الـ 1790 دولار إلى مستويات قرب الـ 1850 دولار بمكاسب تجاوزت الـ 50 دولار للأوقية.
وأكد الاحتياطي الفيدرالي أن البنك المركزي يستعد للتحرك بقوة لكبح التضخم المرتفع، وانه لن يتردد في اتخاذ ما يراه من إجراءات.
وانسحبت حالة القلق لدى المستثمرين حيال حدوث ركود اقتصادي محتمل، مع استمرار ارتفاع الأسعار ومحاولات الاحتياطي الفيدرالي لرفع الفائدة لكبح وتيرة صعود التضخم.
وقال العديد من صانعي السياسة أنهم مستعدون لرفع أسعار الفائدة بزيادات قدرها نصف نقطة مئوية في اجتماعات السياسة القادمة، حتى مع المخاطر الناجمة عن الحرب في أوكرانيا.
تزامنت موجة التراجعات بعدما حذرت شركات التجزئة الكبرى من ارتفاع التكاليف، ما يؤكد المخاوف حول تزايد معدل التضخم والتي تشهد معدلات قياسية في كافة أنحاء العالم.
ودعم تشارلز إيفانز رئيس الاحتياطي الفيدرالي تجاوز معدل الفائدة الأمريكية للمستوى المحايد، إذ يرى أن هذا المستوى يتراوح بين 2.25% و2.5%، مشيرًا إلى أن ذلك يساعد في خفض معدل التضخم.
الروبل يتجاوز الأزمات
ارتفع الروبل الروسي رغم قوة الدفع التي يتمتع بها الدولار الأمريكي في ظل توقعات بتحركات عنيفة للفيدرالي الأمريكي بشأن أسعار الفائد لكبح معدلات التضخم.
ولم يسجل الروبل تلك المستويات المرتفعة مقابل الدولار الأمريكي منذ تداولات نهاية يناير 2020 الماضي حينما كان يتداول قرب مستويات الـ 61 روبل للدولار.
واستمر تألق العملة الروسية مقابل اليورور، حيث تجاوز الروبل قمة 5 سنوات مقابل اليورو عند 65.67 روبل، بعدما وصلت إلى 64.97 روبل في وقت سابق من التعاملات.
مزيدًا من الصعود
يرى محللون أن اقتراب موعد سداد الشركات للمدفوعات الضريبية التي تتطلب عادةً تحويلا من العملة الأجنبية إلى الروبل للوفاء بالالتزامات المحلية عزز من صعود الروبل.
وتلقت العملة الروسية دعمًا إضافيًا من ضوابط رأس المال المفروضة على الدولار واليورو وانخفاض الواردات بسبب الخدمات اللوجستية المعطلة في أعقاب العقوبات.
وكانت الحكومة الروسية اشترطت على شركات التصدير تحويل 80% من إيراداتها، ما يساهم في ارتفاع الطلب على العملة المحلية.
وتباطأ التضخم السنوي إلى 17.69% في الأسبوع المنتهي في الثالث عشر من مايو انخفاضًا من 17.77% في الأسبوع السابق، مع تراجع قراءة التضخم الأسبوعية إلى 0.12%، بأقل من القراءة التي شوهدت في أوائل مارس عقب الغزو الروسي على أوكرانيا عند 2.22%.
توقعات إيجابية
قال يوري بوبوف ، المحلل الاستراتيجي لأسواق العملات وأسعار الفائدة في SberCIB Investment Research ، إن الروبل ، على الرغم من تخفيف القيود على حركة رأس المال من قبل بنك روسيا ، لن يضعف مقابل الدولار.
وبحسب بنك الاستثمار ، سيتم توحيد العملة الوطنية عند 62 روبل للدولار، في الوقت نفسه ، فإن الروبل مستقر عند مستوى 63.5 روبل لكل دولار.
ويرى البنك الروسي أن الطلب قد يرتفع على العملات الأجنبية من الأفراد بشكل حاد في يونيو، مما سيضع بعض الضغط على الروبل.
وقال بوبوف"مع الأخذ في الاعتبار حقيقة أن الودائع ذات الثلاثة أشهر المفتوحة بمعدلات عالية سيتم سدادها في يونيو على خلفية التعزيز الكبير للروبل، الطلب بالنسبة للعملات الأجنبية من الأفراد قد تزداد بشكل حاد.
وأضاف أنه بعد الضعف الحاد للروبل في مارس ، باع الأفراد العملات الأجنبية مقابل 570 مليار روبل من حيث القيمة الصافية ، ومن المحتمل أن يكون الطلب عليها في الأشهر المقبلة مماثلاً.
وقال المحلل الاستراتيجي في SberCIB Investment Research مع ذلك في الأسبوع المقبل سيزيد المصدرون مبيعاتها من العملات الأجنبية قبل أن يدفعوا مبلغ 600 مليار روبل في 25 مايو.
وأضاف أن هذه المبيعات سيكون لها تأثير أكبر على سعر صرف الروبل من مشتريات الأفراد، وفي هذا الصدد ، سيستمر سعر الروبل في الارتفاع وقد يكتسب اليوم موطئ قدم عند 62 روبل لكل دولار .
النفط حائر.. حظر ورسوم وإعفاء
واستمرت حالة التذبذب الشديد سمة غالبة على أسعار النفط التي تأرجحت بين مستويات قرب الـ 115 دولار للبرميل ومستويات قرب الـ 105 دولار للبرميل.
وانخفض خام نايمكس خلال أسبوع من مستويات 115 دولار إلى مستويات قرب الـ 109 دولار، وات الأمر مع خام برنت القياسي الذي خسر نحو 6 دولارات للبرميل.
وقال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين للصحفيين اليوم الأربعاء، إن المشترين الأوروبيين للنفط الروسي يتعين عليهم دفع المزيد أو البحث عن مصادر بديلة إذا فرض الاتحاد الأوروبي رسومًا على إمدادات النفط من روسيا.
وأعلن مسؤولو وزارة الخزانة الأمريكية أن واشنطن ستقترح فرض رسوم على النفط الذي تزوده روسيا إلى الاتحاد الأوروبي في الاجتماع القادم لوزراء مالية مجموعة السبع .
وقالت وزارة الخزانة الأمريكية إن هذا يمكن أن يكون بديلاً أسرع في العمل من فكرة فرض حظر شامل على النفط الروسي.
وترى واشنطن أن آلية الرسوم لن تمكن من بقاء النفط الروسي في السوق، لكنها ستحد من الدخل الذي تحصل عليه روسيا من الصادرات.
وقالت الخزانة الأمريكية أن مثل هذا الإجراء سيوفر تأثيرًا أسرع من الحظر المفروض لعام 2023 على واردات النفط الروسية إلى دول الاتحاد الأوروبي.
وحتى الآن لم تتمكن واشنطن والاتحاد الأوروبي التوصل إلى اتفاق بشأن الحزمة السادسة من العقوبات ضد روسيا ، والتي تشمل مشروع حظر نفطي مؤجل.
وتعارض المجر حظر النفط ، بدعم من عدد من الدول الأخرى التي تعتقد أن الضرر الناجم عن هذا الإجراء سيكون كارثيًا على أوروبا.
بيانات سلبية
صدرت بيانات المخزونات الأمريكية والتي بلغت مليون برميل مقابل التوقعات بتسجيل فائض 1.383 مليون برميل، مقابل تحقيق فائض بلغ نحو 8.487 مليون برميل خلال الأسبوع قبل الماضي.
وكشفت بيانات معهد البترول الأمريكي تراجع مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة بنحو 2.4 مليون برميل خلال الأسبوع المنتهي في الثالث عشر من مايو الجاري.
وقال المعهد الأمريكي في تقريره الأسبوعي، إن مخزونات البنزين انخفضت 5.1 مليون برميل خلال الأسبوع الماضي، بينما زاد مخزون المقطرات 1.07 مليون برميل.