سجل مؤشر الدولار الامريكي أعلى مستوياته في عام 2014 يوم أمس على الرغم من الانخفاض في أسعار الفائدة في الولايات المتحدة. ويظهر استمرار الطلب على الدولار الأمريكي حتى في مواجهة انخفاض أسعار الفائدة قوة ارتفاع الدولار الأمريكي، والذي أتوقع أن يكون أحد السمات المميزة لعام 2015.
هيمنت اليونان على النشاط الأوروبي في أعقاب فشل البرلمان اليوناني في انتخاب رئيس للجمهورية يوم أمس وهو الأمر الذي يعني إجراء انتخابات عامة تلقائيا يوم 25 يناير. وأدى الاضطراب السياسي إلى دفع سوق الأسهم اليونانية إلى الإغلاق منخفضة بحوالي 4%، وإن كان هذا الانخفاض ليس سيئا للغاية بالنظر إلى انخفاضها بنسبة 11.4٪ في وقت ما.
وارتفعت عائدات السندات اليونانية لأجل ثلاث سنوات بنسبة 1.6 نقطة مئوية لتصل إلى 12.09% (وكانت قد بلغت 3.16% في مطلع شهر سبتمبر)، في حين سجلت عائدات السندات الألمانية والفرنسية مزيدا من الانخفاض لتصل إلى مستوى قياسي منخفض جديد في ظل تحرك المستثمرون إلى أسواق أكثر أمنا. ويذكر أن عائدات السندات الألمانية لأجل 4 سنوات قد أصبحت سلبية الآن في حين أن عائدات السندات الألمانية لأجل 5 سنوات أصبحت أقل من عائدات السندات اليابانية! وهناك قلق من أن البنوك اليونانية ربما لا تزال معتمدة على البنك المركزي الأوروبي للحصول على التمويل، حيث إن هذا التمويل سيتوقف إذا فشلت المفاوضات بشأن خطة الإنقاذ في البلاد.
ومع ذلك فإن عائدات السندات البرتغالية لأجل 3 سنوات قد ارتفعت بمقدار 6 نقاط فقط لتصل إلى مستوى 1.03% الذي ما يزال منخفضا، في حين أن عائدات السندات الأسبانية لأجل 3 سنوات قد انخفضت بمقدار 10 نقاط لتبلغ 0.6%. وتنخفض عائدات السندات البرتغالية والأسبانية لأجل 3 سنوات عن عائدات سندات الخزانة الأمريكية لأجل 3 سنوات التي تستقر حاليا عند 1.11% مما يشير إلى أن الأسواق لم تعد تنقل العدوى من مشاكل اليونان إلى دول منطقة اليورو الطرفية المضطربة الأخرى.
ويعني هذا أن تأثير حالة عدم اليقين السياسي على زوج اليورو دولار امريكي من المرجح أن يكون أقل بكثير مما كانت عليه الحال في عام 2012 عندما أجرت اليونان جولتين من الانتخابات في غضون شهرين وبدا "خروج اليونان من منطقة اليورو" يمثل تهديدا حقيقيا للغاية وقتئذ. ومع ذلك فمن المرجح أن يضعف اليورو بسبب اتساع الفارق بين عائدات السندات الألمانية وعائدان سندات الخزانة الأمريكية.
أعتقد أن تأثير الأمور السياسية المتعلقة باليونان على البلدان الأخرى يعتمد إلى حد كبير على ما إذا تم انتخاب حزب سيريزا، وإذا حدث ذلك، فسيعتمد على مدى ضخامة التغيير الذي يمكن أن يحدث عند قيام الحزب بالتفاوض على شروط خطة الإنقاذ.
فالحزب يصر على أنه يريد البقاء في منطقة اليورو وتخلى عن تهديده السابق بالتوقف عن سداد الديون بمجرد الوصول للسلطة. وإذا نجح الحزب في إعادة التفاوض على شروط الاتفاق مع المقرضين لتخفيف الأزمة الإنسانية في البلاد فإن ذلك سوف يشجع الأحزاب البديلة في البلدان الأخرى، ولاسيما اسبانيا.
أدى الهروب إلى الأمان بالإضافة إلى اسعار النفط المنخفضة إلى انخفاض أسعار الفائدة في الولايات المتحدة كذلك حيث انخفضت توقعات الأموال الفيدرالية طويلة الأجل بمقدار 6 نقاط كما انخفضت عائدات السندات لأجل 10 سنوات بمقدار 5 نقاط على الرغم من قيام مجلس الاحتياطي الفيدرالي باتلانتا برفع توقعاته للناتج المحلي الإجمالي بالولايات المتحدة في الربع الرابع. وانخفضت توقعات التضخم نحو أدنى مستوياتها في عدة سنوات والتي بلغتها قبل اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة في شهر ديسمبر.
ومع ذلك، فإن انخفاض أسعار الفائدة لم يمنع مؤشر الدولار الأمريكي من بلوغ أعلى مستوياته في عام 2014. ويدل هذا بالنسبة على وجود طلب على الدولار الأمريكي كما يدل على استمرار افتراض أنه حتى لو تأخر تشديد السياسة النقدية في الولايات المتحدة فإن الولايات المتحدة ستقوم بالتشديد قبل منطقة اليورو بأي حال من الأحوال.
وأيضا، فمهما بلغ انخفاض العائدات الأمريكية إلا إنها على الأقل أنها لا تزال ايجابية. ويحتاج الأمر إلى أن يكون المرء من أولئك الذين يتوقعون بقوة صعود اليورو حتى يمكن أن يقبل عوائد سلبية ويفضلها على العائدات الإيجابية لسندات الخزانة الأمريكية.
واصل زوج الدولار الأمريكي/الروبل الروسي ارتفاعه، وصعد بنسبة 4% أخرى ليتجه مرة أخرى نحو مستوى 60. وكانت البيانات الصادرة أمس قد كشفت النقاب عن انكماش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.5٪ على أساس سنوي في نوفمبر مما يدل على أن العقوبات الغربية وانخفاض أسعار النفط قد بدأ بالفعل في إلحاق الضرر بالاقتصاد الروسي.
وأدى استمرار الانخفاض في اسعار النفط أمس على الرغم من الهجوم على أكبر ميناء للنفط في ليبيا إلى التأثير بالسلب على الروبل كما أثر كذلك على عملات السلع الأخرى؛ فزوج الدولار الأمريكي/الدولار الكندي قد أغلق عند أعلى مستوياته في 2014 يوم أمس في حين سجل زوج الدولار الأسترالي/الدولار النيوزيلندي ما يبدو بالنسبة لي أدنى مستوى. ان مستوى قياسي منخفض. وأعتقد أن استمرار تراجع النفط والعملات المرتبطة بالسلع سيكون موضوعا رئيسيا أخر في عام 2015، على الأقل في بداية العام.
وفي وقت لاحق، قد ينخفض إنتاج الولايات المتحدة من النفط في ظل عدم اللجوء إلى الآبار ذات التكلفة العالية، ولكن حتى الآن لا توجد أي دلائل على حدوث ذلك. وحتى تزيد الأمور سوءا للدولار الأسترالي فإن المؤشر القائد للصين قد انخفض في نوفمبر إلى أدنى مستوى له منذ ذروة الأزمة المالية العالمية في مطلع عام 2009.
شهد الذهب مزيدا من الانخفاض على الرغم من الأنباء بشأن اليونان وانخفاض أسعار الفائدة في الولايات المتحدة. وفي هذا السياق يتساءل المرء عن ما الذي يمكن أن يدفع الذهب للارتفاع مرة أخرى.
مؤشرات اليوم: من المتوقع أن يسجل المعروض النقدي M3 في منطقة اليورو لشهر نوفمبر ارتفاعا طفيفا بنسبة 2.6% عن قراءة شهر أكتوبر التي بلغت 2.5%. وستؤدي القراءة على دفع المتوسط المتحرك لمدة 3 شهور للارتفاع ولكن فقط إلى 2.5%. وفي الوقت نفسه، لا يزال الائتمان يشهد انكماشا. ويدل ذلك على أن البنك المركزي الأوروبي قد فشلت في نقل سياسته النقدية بشكل كاف إلى النظام المصرفي على الرغم من الجهود التي يبذلها كما يزيد من الضغوط على البنك المركزي الأوروبي لاتخاذ مزيد من الإجراءات.
وفي الولايات المتحدة، من المتوقع أن تسجل قراءة مؤشر إس آند بي/ كيس شيلر لأسعار المنازل لشهر أكتوبر ارتفاعا إلى حد ما، في حين من المتوقع ارتفاع قراءة مؤشر كونفرنس بورد لثقة المستهلكين لشهر ديسمبر.