Investing.com - عاد الطلب الصيني على النفط إلى مستويات ما قبل فرض إغلاق عام لمحاربة فيروس كورونا، وفق مصادر داخلية مطلعة على صناعة الطاقة بالصين لبلومبرج.
تشغل الصين المركز الثاني في استهلاك النفط، بعد الولايات المتحدة الأمريكية، وتمكنت البلد سريعًا من تحويل مسارها ما ساعد في إحكام زمام السوق على جانبي العرض والطلب في وقت مبكر عن المتوقع. تراجع خام غرب تكساس الوسيط بنهاية أبريل الماضي إلى 10 دولار تقريبًا، ولكنه اليوم، وبعد 3 أسابيع من تلك الواقعة يرتفع النفط الخام الأمريكي بأكثر من 200%، لما فوق 31 دولار للبرميل.
ما حدث في الصين
خلال شهر فبراير بدأت الصين تطبيق إجراءات العزل والتباعد الاجتماعي والإغلاق الاقتصادي للسيطرة على تفشي فيروس كورونا، ما تسبب في فقدان 20% من الطلب الصيني على النفط، وتراجع استهلاك البنزين والديزل. وما إن عادت البلد لفتح المصانع وفتح الاقتصاد تمكن الطلب على البنزين والديزل من العودة لمستويات ما قبل الإغلاق، بعودة حركة المواصلات والسير شيئًا فشيء، وفق مصادر رفضت الإدلاء بهويتها لبلومبرج، لأن المعلومات ليست رسمية بعد.
يقول متداولون ومسؤولون تنفيذيون في سوق الطاقة إن الصين تستهلك حوالي 13 مليون برميل يوميًا من النفط، ويصعب على أي حال معرفة تلك البيانات بدقة. وخلال شهر مايو من العام الماضي كان الاستهلاك اليومي الصيني من النفط 13.4 مليون برميل يوميًا، وفي ديسمبر 2019 كان الاستهلاك اليومي 13.7 مليون برميل. وما يسبب هذا التخلف الطفيف هو تأخر عودة نشاط السفر بالطائرات إلى مستويات ما قبل الأزمة.
هل تلك البيانات المفصح عنها في الخفاء لها أصل من الحقيقة؟
تقول وكالة الطاقة الدولية في بيانها حول تقديرات العرض والطلب إن الاستهلاك الصيني أقل كثيرًا من هذا. في تقرير الأسبوع الماضي، توقعت الوكالة استهلاك الصين نفط أقل شهريًا لنهاية العام، مقارنة بمستويات 2019 لكل شهر.
الاستهلاك والصين
كان انهيار الطلب على النفط في الصين في بداية شهر فبراير هو بداية قصة قاتمة ومفاجئة وتاريخية لأسعار النفط العالمية. كان ما يحدث في الصين هو بمثابة البداية وإشارة الإنذار لما كان ينتظر العالم. وعندما حل مارس كان النفط يعاني تبعات تراجع طلب الصين، وانضمام أوروبا إليها كبؤرة وبائية، وكذلك جاءت تأثيرات الحرب السعرية للنفط.
وتجلى هذا كله عند موعد تسليم عقود مايو في الولايات المتحدة، عندما استقرت الأسعار عند -37 دولار للبرميل.
ولكن، وكما يقال: ضاقت فلما استحكمت حلقاتها فرجت، عاد النفط إلى قوته ما إن أعلنت أوبك+ عن الاجتماع، وتخفيض الإنتاج لمستويات تاريخية. ومن ثم تدفق إلى الأنباء مزيد من القرارات من كل الدول المنتجة بتخفيض الإنتاج. وانهيار سعر الخام الأمريكي دفع الشركات النفطية الأمريكية لإجراءات غير مسبوقة لتوقف إفلاسها.
ويقود الطلب على الطاقة في الصين كل من البنزين والديزل، لأن المسافرين يفضلون استعمال السيارات الخاصة، وليس النقل العام.
وتشير البيانات من شركة الملاحة، توم توم إنترناشونال، إلى أن ساعات الذروة في عدة مدن صينية ارتفعت بقوة، لتصل في بعض المدن إلى مستوياتها قبل عام أو أعلى من هذا. يزيد الازدحام المروري في مدن غير بكين، مثل شنغهاي، والمعروفة بوجود أماكم للسيارات الخاصة، لهؤلاء الذين يستقلونها للعمل يوميًا.
ويصل الازدحام المروري لمدن مثل شنيانغ، وتيانجين، وشيجياتشوانغ للذروة بأعلى من مستويات العام الماضي بنسبة تتراوح ما بين 10-50%، وفق بيانات توم توم التي اطلعت عليها بلومبرج. ويستخدم المتداولون بيانات توم توم لمعرفة حجم الاستهلاك الحقيقي من النفط في الصين.
ويتعافى الطلب على الديزل بقوة، مع تشجيع بكين للمزارعين بزرع المزيد للإبقاء على الأمن الغذائي، والإسهام في التعافي الصناعي. ودفع استهلاك البنزين والديزل الدولة إلى زيادة معدلات العمل في محطات التكرير المملوكة لها طواعية، لتحويل مزيد من النفط إلى وقود، وفق مصادر لبلومبرج. يعني هذا أن مخازن الصين النفطية في تراجع مستمر.
نشاط محطات التكرير الصينية
واعتمد محطات التكرير الصينية على الشراء في الآونة الأخيرة، واستمر السحب من السوق المادي، ما رفع الأسعار، ودفعها للتعافي. والآن تشتري الصين كل برميل تقع أعينها عليه.
وأنواع الخامات التي تقبل عليها محطات التكرير الصينية، وفق بلومبرج: لولا من البرازيل، ودجينو من الكونجو، ونفط عمان. وكان سعر لولا البرازيلي أقل 6 دولار من برنت، ولكن مع الإقبال الصيني ارتفع الفارق بينه وبين برنت لـ 1-1.50 دولار فقط.
وأباريق الشاي، محطات التكرير المستقلة، تكرر النفط مع عملها بـ 75% من سعتها التشغيلية، يفوق هذا سعة العام الماضي، والتي كانت 60% فقط. وتشكل أباريق الشاي ربع الإنتاج الصيني من النفط المكرر، بتكرير 4 مليون برميل يوميًا.
وعملاق التكرير المملوك للدولة، سنوبيك، يعمل بسعة 5.8 مليون برميل يوميًا، ويزيد من معالجة النفط. كما تعمل منشأة بيترو تشينا بسعة 4 مليون برميل يوميًا، وهي الوحيدة التي لم ترفع من سعتها بنفس الحدة.