توقفت الطفرة التي دامت لأعوام في نشاط عمليات الدمج والاستحواذ بحلول نهاية شهر مارس، حيث تسببت تداعيات انتشار جائحة فيروس «كورونا» في تدمير أسعار أسهم الشركات وأعادت توجيه المسئولين التنفيذيين نحو إنقاذ شركاتهم بدلاً من محاولة شراء الشركات الأخرى.
ووصل إجمالي نشاط صفقات الدمج والاستحواذ، خلال الأسبوع الماضي، إلى 12.5 مليار دولار فقط، وهو أدنى إجمالي مسجل فى غضون أسبوع منذ الانخفاض الذي سجل خلال فترة الأزمة المالية العالمية فى أبريل 2009، بينما انخفضت القيمة الإجمالية للصفقات فى الربع الأول بنسبة %28 مقارنة بالعام الماضى لتصل إلى 698 مليار دولار، وهي أضعف فترة افتتاحية لعام منذ 2016.
وأوضحت بيانات صادرة عن المزود العالمى لبيانات السوق المالية والبنية التحتية «ريفينيتيف»، أن الانخفاض الفصلي قاد انكماشاً مفاجئاً في النشاط الأمريكى، كما انخفض عدد المعاملات الإجمالية وعدد المعاملات التي تزيد على 10 مليارات دولار بشكل حاد على مستوى العالم.
ويتوقع ليون كالفاريا، رئيس مجموعة العملاء المؤسسين في «سيتي جروب»، أن تظل عمليات الدمج والاستحواذ في حالة توقف شبه تام على المدى القصير، حيث قررت معظم الشركات التي تفكر في عملية استحواذ الضغط على زر «الإيقاف المؤقت».
وأوضح كالفاريا أن الجميع يفكر فى موظفيه وعملائه في المقام الأول، مشيراً إلى أن القليل من الشركات ستقوم بصفقات نقدية فى هذه البيئة، كما أن الأطراف الفاعلة في شركات الاستثمار المباشر سوف تركز بشكل أكبر على إدارة حافظة الشركات قبل البدء في إبرام الصفقات.
وأفادت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، أن وتيرة عقد الصفقات بين الشركات الأمريكية بدأ في التباطؤ بالفعل، قبل أن يجبر تفشي فيروس «كورونا» المسئولين على إغلاق المناطق الأكثر تضرراً في الولايات المتحدة، بما في ذلك مدينة نيويورك التي تعرف بأنها مركز الصناعة المالية الأمريكية.
وجاء نشاط استحواذ مجموعة «مورجان ستانلي (NYSE:MS) المالية» على كامل أسهم مؤسسة «إي تريد فاينانشال كورب (NASDAQ:ETFC) للسمسرة» مقابل 13 مليار دولار، واستحواذ «ثيرمو فيشر ساينتيفيك (NYSE:TMO)» على مجموعة التشخيص الهولندية «قياجن» مقابل 11.5 مليار دولار ضمن الصفقات الكبرى القليلة التي انعقدت في الربع الأول من 2020.
وبشكل عام، انخفض نشاط عمليات الدمج والاستحواذ في الولايات المتحدة بنسبة %51 ليصل إلى 253 مليار دولار للربع الأول، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
وارتفعت أحجام الصفقات الأوروبية فعلياً بنسبة %51 لتبلغ 232 مليار دولار فى تلك الفترة، ويرجع ذلك إلى الارتفاع فى عمليات الاستحواذ على الأسهم الخاصة واستحواذ المنافس «آي أو إن» للتأمين على كافة أسهم وسيط التأمين «ويليس تاورز واتسون»، ولكن معظم النشاط الأوروبي حدث قبل انتشار الفيروس.
وقال ديتريش بيكر، رئيس الاستشارات الأوروبية في «بيريلا واينبرج بارتنرز»: «في الأسبوع الأول من الأزمة، كان الجميع ينظر إلى ميزانيتهم العمومية ويقولون أن كل شىء يبدو على ما يرام، ثم بمرور الوقت، بدأوا في النظر إلى معدل استهلاك النقدية وسط انخفاض الإيرادات كما أنهم وضعوا تركيزهم بشكل أكبر على السيولة والملف الائتماني والتصنيفات».
وأضاف: «يظل الدفاع عن النشطاء والدفاع العام عن الشركات موضوعا يركز عليه عملائنا نظرا للانخفاض الحاد في أسعار الأسهم»، مشيراً إلى أنه يعتقد بإمكانية حدوث بعض عمليات الدمج الدفاعية الجيدة وعتيقة الطراز، حيث ستحتاج الشركات إلى تسريع عمليات الاندماج.
وضرب الوباء، الذى بدأ انتشاره من الصين ووصل لاحقاً إلى أوروبا والأمريكتين، المعاملات العابرة للحدود في الربع الأول، حيث انخفضت المعاملات بنسبة %17 عن العام الماضي لتصل إلى 204 مليار دولار.
وأشارت «فاينانشيال تايمز» إلى إمكانية مواجهة عمليات عقد الصفقات العابرة للحدود صعوبات بشكل أكبر، حيث أعربت الحكومات، بداية من الاتحاد الأوروبى إلى أستراليا، عن رغبتها فى حماية الشركات المحلية من عمليات الاستحواذ الأجنبية التى تعقب الاضطرابات السوقية.
وشدد العديد من صانعي الصفقات على أن الأزمة الحالية كانت مختلفة عن تلك التي حدثت في عام 2008، عندما كان النظام المالي في قلب المشكلة، وقالوا إنهم يتوقعون عودة نشاط الدمج والاستحواذ بمجرد انتهاء الوباء.
وقالت روس ليسبيرانس، الرئيس المشارك العالمي في الخدمات المصرفية لمجموعة «يو بي إس»، إن نشاط عمليات الدمج والاستحواذ قد تباطأ، في ظل محاولة العملاء تقييم مكان تحرك السوق والتأثير على الشركات والقطاعات الفردية، ولكن بمجرد عودة الأمور إلى طبيعتها، فإنه من المحتمل أن ترتد قوة النشاط مرة أخرى وتنمو بشكل أسرع مما كانت عليه بعد الأزمة المالية في قطاعات معينة.