من فيليب بوليلا وجون ديفيسون
بغداد (رويترز) - بدأ البابا فرنسيس أخطر رحلاته الخارجية يوم الجمعة، حيث توجه إلى العراق وسط إجراءات أمنية مشددة في أول زيارة بابوية للعراق لمناشدة قادة وشعب البلاد إنهاء عنف المتشددين والصراع الديني.
ونشر العراق آلافا من أفراد الأمن لحماية البابا خلال الزيارة، التي تأتي بعد موجة من الهجمات بالصواريخ والتفجيرات الانتحارية.
ووصل البابا فرنسيس إلى مطار بغداد وسط إجراءات أمنية مشددة بعدما قال للصحفيين على متن طائرته إنه شعر أن من واجبه القيام بتلك الزيارة "الرمزية" لأن العراق عانى كثيرا ولفترة طويلة.
وخلال الاستقبال الرسمي في قصر الرئاسة، سار البابا (84 عاما) مع الرئيس العراقي وكان يعرج بشكل ملحوظ مما يشير إلى أن آلام العصب الوركي ربما عاودته من جديد. ووجه البابا دعوة للعراقيين لمنح فرصة لصناع السلام.
وقال البابا "لتصْمُت الأسلحة! ولْنَضَع حدا لانتشارها هنا وفي كل مكان! ولتتوقَّف المصالح الخاصّة، المَصَالِحُ الخارِجيّة التي لا تَهْتَم بالسُكان المحليين... كفى عنفا وتطرفا وتحزبات وعدم تسامُح!".
وشكر الرئيس العراقي برهم صالح البابا على قيامه بأول زيارة بابوية للعراق رغم التوصيات العديدة بالتأجيل بسبب الجائحة والتحديات الأخرى في البلاد.
وقال الرئيس إن حضور البابا على أي حال يضاعف قيمة هذه الزيارة بالنسبة للشعب العراقي.
ورافق موكب من عشرات العربات البابا فرنسيس إلى خارج مبنى المطار الذي تعرض في الآونة الأخيرة لإطلاق صواريخ من فصائل مسلحة.
وفي كلمته في القصر، بدا البابا متعبا في أول زيارة خارجية له منذ 16 شهرا، وانتقد المصالح الخاصة والأجنبية التي زعزعت استقرار العراق والمنطقة بشكل أوسع، وأدت إلى تضرر عموم الناس أكثر من غيرهم.
وقال "على مدى العقود الماضية، عانى العراق مِن كوارث الحروب وآفة الإرهاب ومِن صراعات طائفية تَقوم غالبا على أُصولية لا تستطيع أن تَقْبَلَ العَيْشَ معا في سلام، بَيْنَ مُخْتَلَف الجَماعات العِرْقِيَّة والدينية، بِمُخْتَلَف الأَفكار والثَقافات".
وفي وقت لاحق تذكر البابا قتلى هجمات بدوافع دينية خلال زيارة لكنيسة في بغداد شهدت مقتل 50 مصليا على أيدي إسلاميين متشددين في عام 2010 قائلا "يذَكرنا موْتهم جيّدا أنّ التحريض على الحرب ومواقف الكراهية والعنف وإراقة الدماء لا تتّفق مع التعاليم الدينية".
وتحسن الوضع الأمني في العراق منذ هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية في عام 2017، لكن البلاد لا تزال مسرحا لتصفية حسابات دولية وإقليمية، لا سيما التنافس المرير بين الولايات المتحدة وإيران في الأراضي العراقية.
وبعد سنوات من العقوبات الدولية والحرب المدمرة مع إيران في الثمانينات، أدى الغزو الأمريكي عام 2003 إلى إغراق العراق في صراع طائفي وسوء إدارة مزمن منذ ذلك الحين.
* "كلنا نحتاج هذه الزيارة"
سيستخدم البابا في تنقلاته طائرة وطائرة هليكوبتر وعربات لزيارة أربع مدن تشمل مناطق لا يستطيع معظم المسؤولين الأجانب الكبار الوصول إليها، فضلا عن حدوث ذلك في تلك الفترة القصيرة للرحلة.
وقال ماجين ديروس وهو عراقي مسيحي من بغداد "هذه زيارة فريدة من نوعها. نشعر بحماس وكلنا نحتاج هذه الزيارة، كل العراقيين".
وانخفض عدد المسيحيين في العراق، وهم من أقدم الطوائف المسيحية في العالم، إلى حوالي 300 ألف، من حوالي 1.5 مليون قبل نحو 20 عاما.
وسوف يلتقي البابا يوم السبت بالمرجع الأعلى لشيعة العراق آية الله العظمي علي السيستاني في النجف بجنوب البلاد. كما سيزور مدينة أور مسقط رأس النبي إبراهيم ثم يعود ليقود قداسا في بغداد.
وسيسافر يوم الأحد شمالا إلى الموصل المعقل السابق لتنظيم الدولة الإسلامية والتي مازالت كنائسها ومبانيها تحمل آثار الصراع.
ومنذ هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية عام 2017 يشهد العراق درجة أكبر من الأمن على الرغم من استمرار أعمال العنف وخاصة في صورة هجمات صاروخية من جانب فصائل متحالفة مع إيران على أهداف أمريكية وضربات أمريكية ردا على ذلك.
وما زال تنظيم الدولة الإسلامية يمثل تهديدا. وفي يناير كانون الثاني قتل هجوم انتحاري أعلن التنظيم مسؤوليته عنه 32 شخصا في أدمى هجوم من نوعه تشهده بغداد على مدى سنوات.
(إعداد محمد اليماني للنشرة العربية - تحرير مصطفى صالح)