من علي صوافطة
رام الله (الضفة الغربية) (رويترز) - قتلت طائرة مسيرة إسرائيلية ثلاثة مسلحين في الضفة الغربية يوم الأربعاء في غارة نادرة الحدوث جاءت بعد ساعات من هجوم مستوطنين على قرى فلسطينية وإضرامهم النيران في سيارات ومبان ردا على هجوم شنه مسلحون من حركة حماس يوم الثلاثاء.
وجاءت الضربة بالقرب من مدينة جنين في غمرة تفاقم أعمال العنف خلال الأيام القليلة الماضية في الضفة الغربية، حيث يقوم الجيش منذ أكثر من عام بعمليات تمشيط دورية أدت إلى تواتر الاشتباكات مع مقاتلين فلسطينيين.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه تم التعرف على مجموعة مسلحة في سيارة بعد أن نفذت إطلاق نار بالقرب من قرية الجلمة.
وذكر بيان لحركة الجهاد الإسلامي أن اثنين من الرجال الثلاثة ينتمون للحركة والثالث من كتائب شهداء الأقصى، الجناح العسكري لحركة فتح.
وعلى الرغم من شيوع طائرات الاستطلاع المسيرة، كانت الضربة التي نفذتها طائرة مسيرة من طراز إلبيت هيرميس (EGX:HRHO) التي أعقبت استخداما نادرا لطائرات الهليكوبتر الحربية في العملية في جنين، كانت الأولى للجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية منذ عام 2006، بحسب جيش الدفاع الإسرائيلي.
وقال دانيال حجاري المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي في تغريدة على تويتر "هذا يتعلق بالتخلص من التهديد، حددنا مركبة تطلق النار على المعبر وأزلنا التهديد".
وقبل ساعات، هاجم مستوطنون إسرائيليون قرى فلسطينية في الضفة الغربية ردا على مقتل أربعة إسرائيليين برصاص مسلحين من حماس فتحوا النار عليهم في مطعم على جانب طريق بالقرب من مستوطنة عيلي.
وفي بلدة ترمسعيا التي يسكنها أثرياء فلسطينيون والقريبة من رام الله، أظهرت لقطات سيارات تلتهمها النيران فيما يتصاعد دخان أسود وأشخاصا يحملون جريحا إلى سيارة إسعاف.
وقال نعمان شلبي من سكان بلدة ترمسعيا "المستوطنين جاءوا بالعشرات لا يقل عن مئتين، مئتين وخمسين واحد حاولوا.. دخلوا ساحة البيت ولعوا (أشعلوا) السيارات وصاروا يضربوا على البيت رصاص حي وحجارة وكسروا البرندات (الشرفات)".
وقال الجيش الإسرائيلي إن القوات دخلت بلدة ترمسعيا لإخماد الحرائق ومنع الاشتباكات وإن المدنيين الإسرائيليين غادروا البلدة.
وقال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في بيان "لن نقبل أي استفزازات ضد الشرطة أو قوات الأمن في هذه الأماكن أو في أي مكان آخر".
وقال مسؤولون فلسطينيون في قطاع الصحة إن فلسطينيا قتل بالرصاص خلال الهجوم بينما أصيب شخص آخر على الأقل بجروح خطيرة.
وقال سكان عدد من البلدات الفلسطينية الأخرى إن هجمات وقعت من مستوطنين، ودعا وزراء كبار في حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى عملية عسكرية واسعة النطاق في أنحاء الضفة الغربية.
وقال يعقوب عويس، رئيس مجلس قروي اللبن الشرقية إن مجموعة كبيرة من المستوطنين شنت هجوما أحرقت خلاله محطة وقود وبساتين ومصنع أسمنت وعشرات السيارات بينما وقفت قوات الأمن الإسرائيلية من جنود وأفراد شرطة دون أن تتدخل.
وأضاف "الهجوم كان غير مسبوق ومش طبيعي. إطلاق النار بكثافة بس ما عرفنا لأنه بالليل إذا كان إطلاق النار من مستوطنين أو من جنود".
- "يجب تسوية المباني بالأرض"
أدانت الولايات المتحدة عنف المستوطنين ودعت السلطات الإسرائيلية إلى "وقف العنف على الفور وحماية المدنيين الأمريكيين والفلسطينيين ومحاكمة المسؤولين".
وأدانت كل من مصر والأردن، اللتين تربطهما علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، الهجمات على الفلسطينيين في الضفة الغربية.
وقال فرحان حق نائب المتحدث باسم الأمم المتحدة في بيان إن الأمين العام للمنظمة أنطونيو جوتيريش أدان جميع أعمال العنف ضد المدنيين "بما في ذلك أعمال الإرهاب".
وأضاف حق "من الضروري تهدئة التوتر ومنع المزيد من التصعيد. ويتعين على إسرائيل، بصفتها سلطة الاحتلال، ضمان حماية السكان المدنيين من كل أعمال العنف، وضمان محاسبة الجناة".
وحتى مع وقوع هجمات المستوطنين، دعا وزير الأمن الإسرائيلي إيتمار بن جفير، المنتمي لأحد الأحزاب اليمينية المتطرفة المشاركة في ائتلاف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، إلى اتخاذ إجراءات أكثر صرامة.
وقال أمام الكنيست "نحن بحاجة إلى عملية عسكرية، يجب تسوية المباني بالأرض، يستلزم الأمر عمليات قتل مستهدف". وأضاف "هكذا تتصرف لمواجهة الإرهاب".
ومع هذا، رأى وزراء آخرون أنه لا توجد حاجة إلى اتخاذ تدابير إضافية. وصرح وزير الطاقة يسرائيل كاتس، عضو المجلس الوزاري الأمني المصغر، لراديو الجيش "ليست هناك حاجة لأي قرارات جديدة، فقط تعديل القرارات الموجودة".
وقال مكتب نتنياهو إن إسرائيل تخطط لإضافة ألف وحدة سكنية جديدة إلى مستوطنة عيلي، في تحد للمطالبات الدولية بوقف المشروعات الاستيطانية الجديدة.
واشتكى الفلسطينيون مرارا من هجمات المستوطنين في الضفة الغربية، وهي قضية تثير أيضا قلقا دوليا متزايدا.
وانهارت محادثات السلام التي توسطت فيها الولايات المتحدة بين إسرائيل والفلسطينيين بهدف إقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية في 2014، ولا توجد أي بوادر على إحيائها.
وحكومة نتنياهو الدينية القومية عازمة على توسيع المستوطنات في الضفة الغربية وتضم أعضاء يعارضون قيام دولة فلسطينية.
وكانت اعتقالات يوم الاثنين خلال مداهمة في جنين هي الدافع الواضح لقتل الإسرائيليين الأربعة وتسببت أيضا في نشوب قتال دام ساعات مع نشطاء فلسطينيين مسلحين. وقتل سبعة فلسطينيين وأصيب أكثر من 90 فلسطينيا وسبعة إسرائيليين.
وقتلت القوات الإسرائيلية منذ بداية العام 174 فلسطينيا من بينهم مدنيون لكن معظمهم من المسلحين. وفي الوقت نفسه، قُتل 24 إسرائيليا وأجنبي واحد في هجمات شنها فلسطينيون في الضفة الغربية والقدس وفي بعض المدن الإسرائيلية.
(إعداد محمد حرفوش ورحاب علاء ودعاء محمد للنشرة العربية)