من نضال المغربي وجيمس ماكنزي
غزة/القدس (رويترز) - يخوض مقاتلو حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) معارك لمنع تقدم القوات الإسرائيلية إلى أكبر مخيم للاجئين في قطاع غزة يوم الأحد، لكن رغم القتال تحدث مسؤولون أمريكيون وإسرائيليون عن الاقتراب من إبرام اتفاق لإطلاق سراح بعض الرهائن المحتجزين في القطاع.
واحتجزت حماس نحو 240 خلال هجوم على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر تشرين الأول والذي ردت عليه إسرائيل بتشديد الحصار على قطاع غزة وقصفه واجتياحه للقضاء على الحركة الإسلامية التي تسيطر على القطاع بعد عدة حروب غير حاسمة بينهما منذ عام 2007.
واقتحمت القوات والدبابات الإسرائيلية غزة في أواخر الشهر الماضي، ويقول الجيش إنه سيطر منذ ذلك الوقت على مناطق واسعة من الشمال والشمال الغربي والشرق حول مدينة غزة.
لكن حماس وشهودا محليين يقولون إن مسلحي الحركة يستخدمون أسلوب حرب العصابات في مناطق بشمال القطاع، ومنها أجزاء من مدينة غزة ومخيما جباليا والشاطئ للاجئين.
ورغم احتدام القتال على الأرض، قال السفير الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة مايكل هرتسوج في مقابلة مع برنامج (ذيس ويك) "هذا الأسبوع" على شبكة (إيه.بي.سي) يوم الأحد إن إسرائيل تأمل في الإفراج عن عدد كبير من المحتجزين لدى حركة حماس "في الأيام المقبلة".
وذكرت رويترز يوم الأربعاء نقلا عن مسؤول مطلع على المحادثات أن وسطاء قطريين يسعون للتوصل إلى اتفاق بين إسرائيل وحماس لإطلاق سراح 50 رهينة مقابل وقف إطلاق النار لمدة ثلاثة أيام.
وفي ذلك الوقت قال المسؤول إنه تم الاتفاق على المبادئ العامة لكن إسرائيل ما زالت تتفاوض على التفاصيل.
ويوم الأحد، قال رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مؤتمر صحفي في الدوحة إن أهم النقاط العالقة التي تعرقل التوصل لاتفاق بشأن الرهائن أصبحت الآن "بسيطة للغاية" وهي في الأساس أمور عملية ولوجستية.
وقال مسؤول بالبيت الأبيض أيضا إن مفاوضات "معقدة جدا، وحساسة جدا" تحرز تقدما.
وأضاف نائب مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض جون فاينر في تصريحات لبرنامج على شبكة (إن.بي.سي) "أعتقد أننا أصبحنا أقرب مما كنا عليه منذ فترة طويلة، وربما أقرب مما كنا عليه منذ بداية هذه العملية، من إبرام هذا الاتفاق".
* عدد القتلى "صادم وغير مقبول"
جاءت المحادثات الدقيقة بشأن الرهائن في وقت تستعد فيه إسرائيل لتوسيع هجومها على مسلحي حماس ليشمل جنوب قطاع غزة، وهو ما تجلى في زيادة الضربات الجوية هناك على أهداف تعتبرها إسرائيل أوكارا للمسلحين.
لكن الولايات المتحدة الحليف الرئيسي لإسرائيل حذرتها يوم الأحد من مغبة الشروع في عمليات قتالية في الجنوب دون التفكير في سلامة المدنيين الفلسطينيين الفارين ووضعهم في الاعتبار.
ودأب سكان غزة الذين أصابهم الذعر على الانتقال من مكان لآخر منذ بداية الحرب، ولجأ بعضهم إلى المستشفيات بينما انتقل آخرون من الشمال إلى الجنوب، وفي بعض الحالات يعود السكان مرة أخرى إلى منازلهم في محاولات يائسة للبقاء بعيدا عن مرمى النيران.
وأعلن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة يوم الأحد ارتفاع عدد قتلى القصف الإسرائيلي إلى أكثر من 13 ألفا، بينهم 5500 طفل و3500 امرأة.
وأضاف أن الإصابات تجاوزت 30 ألفا، أكثر من 75 بالمئة منهم من الأطفال والنساء.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش إن عدد القتلى المدنيين في غزة "صادم وغير مقبول" ودعا مجددا إلى هدنة إنسانية فورا.
وذكر شهود أن قتالا عنيفا دار خلال الليل بين مسلحين من حماس والقوات الإسرائيلية التي تحاول التقدم إلى مخيم جباليا للاجئين، وهو الأكبر في القطاع بوجود ما يقرب من مئة ألف شخص.
ويقول مسعفون فلسطينيون إن مخيم جباليا يتعرض لقصف إسرائيلي متكرر مما أدى إلى مقتل عشرات المدنيين. وتقول إسرائيل إن الضربات أودت بحياة الكثير من المسلحين الذين كانوا يختبئون بالمخيم.
وأمر الجيش الإسرائيلي يوم الأحد سكان عدة أحياء في جباليا بترك أماكنهم والتوجه نحو جنوب غزة "حفاظا على سلامتكم"، في رسائل باللغة العربية على وسائل التواصل الاجتماعي.
وقال الجيش إنه سيوقف العمليات العسكرية بين الساعة العاشرة صباحا والثانية ظهرا.
وقالت وزارة الصحة في غزة إن 11 فلسطينيا قُتلوا في غارة جوية إسرائيلية على منزل في جباليا بعد انتهاء فترة وقف إطلاق النار.
ويقول الفلسطينيون إن الجنوب يتعرض أيضا لقصف إسرائيلي متكرر، مما يجعل الوعود الإسرائيلية بالسلامة سخيفة.
وتقول البيانات الإسرائيلية إن نحو 1200 إسرائيلي، معظمهم من المدنيين، قُتلوا في الهجوم المباغت الذي شنته حماس في السابع من أكتوبر تشرين الأول، ليصبح اليوم الأكثر دموية في تاريخ إسرائيل الممتد 75 عاما.
* ضربات جوية إسرائيلية وكمين حماس
في وسط القطاع الساحلي الضيق، قال مسعفون فلسطينيون إن 31 قتلوا في ضربات جوية إسرائيلية على عدد من المنازل في مخيمي البريج والنصيرات في وقت متأخر ليل السبت، من بينهم صحفيان فلسطينيان. وأضافوا أن امرأة وطفلها قتلا في ضربة جوية أخرى خلال الليل على خان يونس جنوب قطاع غزة.
وفي مستشفى ناصر في خان يونس، شارك عشرات الفلسطينيين في جنازة 15 شخصا قتلوا في غارة إسرائيلية على مبنى سكني يوم السبت.
ونعت هداية عصفور بعض القتلى من أقاربها بينما كانت تبكي قائلة "شبابنا بيموتوا، النساء والأطفال بيموتوا، وين الرؤساء العرب؟".
ويقول الجيش الإسرائيلي إن حماس تستخدم المباني السكنية وغيرها من المباني المدنية غطاء لمراكز القيادة والأسلحة ومنصات إطلاق الصواريخ وشبكة أنفاق واسعة تحت الأرض. وتنفي الحركة استخدام المدنيين دروعا في الحرب.
ونشرت إسرائيل مقطعا مصورا يوم الأحد لما وصفته بأنه نفق حفره مسلحون فلسطينيون تحت مستشفى الشفاء. وقال الجيش الإسرائيلي إن مهندسيه اكتشفوا نفقا بعمق 10 أمتار ويمتد 55 مترا.
وقالت كتائب القسام الجناح العسكري لحماس إن مقاتليها قتلوا ستة جنود من مسافة قريبة في قرية جحر الديك شرقي مدينة غزة بعد أن نصبوا لهم كمينا بصاروخ مضاد للأفراد واقتربوا منهم بأسلحة آلية.
وتشير أحدث بيانات الجيش الإسرائيلي إلى مقتل 64 جنديا في الصراع.
* أكبر مستشفى في القطاع صار "منطقة موت"
زار فريق بقيادة منظمة الصحة العالمية مستشفى الشفاء واصفا إياه بأنه "منطقة موت"، بعد أيام من اقتحام القوات الإسرائيلية للمجمع لتدمير ما تصفه بمركز قيادة لحماس أسفل المستشفى.
وقال فريق منظمة الصحة العالمية إنه رصد آثار إطلاق نار وقصفا ومقبرة جماعية في مدخل مستشفى الشفاء. وأضاف أنه يعكف على وضع خطط للإجلاء الفوري للمرضى المتبقين وعددهم 291 من بينهم مصابون في الحرب و25 من العاملين بالمستشفى.
وقالت وزارة الصحة في غزة إن الأمم المتحدة والهلال الأحمر الفلسطيني نفذا عملية مشتركة لإجلاء 31 من الأطفال الخدج من مستشفى الشفاء وإنهم سيُنقلون عبر معبر رفح الحدودي إلى مصر لتلقي العلاج هناك.
وأضافت الوزارة أن ثمانية من الأطفال الخدج لقوا حتفهم في وقت سابق داخل مستشفى الشفاء بسبب انقطاع الكهرباء ونقص الأدوية الضرورية لرعايتهم.
وخرج مئات من المرضى والعاملين والنازحين الذين كانوا يحتمون في الشفاء من المجمع يوم السبت، ويقول مسؤولون في قطاع الصحة الفلسطيني إن القوات الإسرائيلية طردتهم بشكل غير إنساني، بينما يزعم الجيش أن المغادرة كانت طوعية.
(شاركت في التغطية هنريت شقر - إعداد حسن عمار وأميرة زهران ومحمد عطية للنشرة العربية - تحرير محمد محمدين ودعاء محمد)