من نفزت ديفران أوغلو وديفيد دولان
أنقرة/اسطنبول (رويترز) - تقول الحكومة التركية إن إقرار إصلاحات دستورية في استفتاء من المقرر إجراؤه بعد خمسة أيام سييسر لها تنفيذ إصلاحات السوق الموعودة منذ فترة طويلة. غير أن المستثمرين ليسوا واثقين من ذلك بل يرون مزيدا من الاختناقات لتشابك السياسات وانتخابات أخرى.
ويتوجه الناخبون الأتراك إلى صناديق الاقتراع يوم الأحد المقبل للتصويت على تعديل الدستور وتحويل نظام الحكم إلى نظام رئاسة تنفيذية تمنح الرئيس رجب طيب إردوغان سلطات كاسحة.
ويقول حزب العدالة والتنمية الحاكم إن الاستفتاء سيتيح له التعجيل بعملية سن القوانين وطرح حزمة من الإصلاحات الضريبية والاستثمارية التي ينادي بها المستثمرون وبصفة خاصة الأجانب منذ مدة طويلة.
وبعد أن كانت تركيا تعتبر من أبرز الأسواق الناشئة الواعدة في العالم تعرضت لإقبال المستثمرين على بيع عملتها الليرة بفعل مخاوف من ضعف المؤسسات التركية واشتداد قبضة إردوغان على السلطة.
وكانت السلطات التركية ألقت القبض على عشرات الآلاف في حملة تضييق أعقبت محاولة انقلاب لم يكتب لها النجاح في العام الماضي.
وتسعى الحكومة لاستعادة الثقة غير أن المستثمرين ما زالوا متشككين ويرون أن من الضروري تطبيق إصلاحات هيكلية كاسحة لزيادة الإنتاجية وتحرير سوق العمل وزيادة الناتج من الصادرات ذات القيمة المضافة.
وفي مقابلة مع القناة الإخبارية بمؤسسة الإذاعة والتلفزيون التركية (تي.آر.تي.) يوم الاثنين قال نائب رئيس الوزراء محمد شيمشك "النظرة طويلة الأجل لتركيا ستتحول إلى إيجابية بعد أن يزيل الاستفتاء الغموض السياسي."
وأضاف "أعددنا الإصلاحات لكن لم تتح لنا الفرصة لتنفيذها بشكل منتظم. وسنعجل بالإصلاحات بدءا من مايو (أيار) 2017. وستشمل تلك الإصلاحات تحسين المناخ الاستثماري وإصلاحات ضريبية وقضائية."
وقال إن التغييرات ستضع تركيا على مسار يقود لتحقيق نمو سنوي يبلغ ستة في المئة. وكان الاقتصاد قد نما 2.9 في المئة عام 2016 بسبب تأثيرات الانقلاب الفاشل. وتوقعت مؤسسة موديز للتصنيفات الائتمانية أن يبلغ النمو خلال العام الجاري 2.6 في المئة.
وقال وليام جاكسون من كابيتال ايكونوميكس في لندن "بعض الدوائر الحكومية تتحدث عن ‘تحسن الأمور بعد التصويت وعودة المستثمرين الأجانب إلى البلاد وبدء الإصلاحات الهيكلية‘. لكننا سمعنا هذه المقولات من قبل."
وأضاف "لم نشهد فعلا تحقق هذا الأمر على الأقل في السنوات الست أو السبع الماضية. لست متفائلا بشدة على هذا الصعيد."
* تركيز على ما بعد الاستفتاء
تشير استطلاعات الرأي إلى أن نتيجة التصويت ستكون متقاربة. وستلغي التعديلات المقترحة النظام البرلماني الحالي وتستبدل به نظاما رئاسيا تنفيذيا تجمعه أوجه شبه بالنظام المعمول به في فرنسا أو الولايات المتحدة.
ويقول إردوغان إن هذه الخطوة ضرورية لتجنب الحكومات الائتلافية الهشة التي شهدتها البلاد في الماضي. ويخشى منتقدون أن يركز ذلك سلطات كثيرة في يديه.
وفي حين يبدو أن بعض المستثمرين يهيئ نفسه لانتصار المعسكر المؤيد للتعديلات الدستورية فمن المرجح أن يكون رد الفعل الفوري قصير الأجل على أن تحول الأسواق اهتمامها إلى ما سيحدث بعد ذلك.
وقال أوزجور ألتوج كبير الاقتصاديين في (بي.جي.سي بارتنرز) في مذكرة لعملائه "ما سيحدث بعد الاستفتاء سيكون له تداعيات في الأجل المتوسط على تركيا ونعتقد أن الأطراف ذات التأثير في الأسواق ستركز على ما بعد الاستفتاء بعد رد فعل قصير سريع على نتيجة الاستفتاء."
وربما تتأخر تلك الإصلاحات خاصة أن الانتخابات المبكرة لا تزال احتمالا قائما أيا كان الطرف الفائز في الاستفتاء وهو ما يعني أن الحكومة ستركز من جديد على حملة الدعاية الانتخابية لا على السياسات.
* الانتخابات المبكرة
من المقرر أن تجري تركيا انتخابات رئاسية وبرلمانية عام 2019.
وإذا خرج المعسكر الرافض للتعديلات الدستورية منتصرا في الاستفتاء فمن المحتمل أن يدعو إردوغان إلى إجراء انتخابات مبكرة لتدعيم الحزب الحاكم في البرلمان في وقت ضعف فيه حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد بسبب حملة التضييق التي شنتها الحكومة ويعاني فيه حزب الحركة القومية المعارض من خلافات داخلية.
أما إذا فاز المعسكر المؤيد للإصلاحات فمن الممكن أن يدعو إردوغان إلى انتخابات مبكرة لتولي السلطات الموسعة في النظام الرئاسي.
وتقضي التعديلات الدستورية المقترحة بأن يتولى الرئيس الصلاحيات الجديدة بعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة.
وحتى الآن يقول مسؤولو حزب العدالة والتنمية إن الانتخابات المبكرة ليست مطروحة لكن بعض المستثمرين لديهم شكوك في ذلك.
وقال بنك مورجان ستانلي (NYSE:MS) في مذكرة في الآونة الأخيرة "الحزب الحاكم قد يفكر في إجراء اقتراع على الثقة بالذهاب إلى الانتخابات مبكرا حسبما يقول البعض" من المستثمرين. ورغم أن مستوى قناعتنا تراجع مؤخرا فمازلنا نعتقد أن الانتخابات المبكرة أقل احتمالا في حالة الموافقة على التعديلات."
(إعداد منير البويطي للنشرة العربية - تحرير علا شوقي)