منذ نيسان / أبريل الفائت, لم يتوقف مؤشر الدولار الأمريكي عن تحقيق المزيد من المكاسب ليصل مؤشره الى 97.15 نقطة يوم أمس الأعلى منذ أربعة عشر شهراً, مرسلاً الذهب واليورو الى أدنى مستويات في أكثر من عام كامل. وعلى اعتبار أن الدولار الأمريكي هو العملة الرئيسية الأهم , فسيكون من المنطقي أن تتأثر كل العملات بلا استثناء , أسواق متقدمة أو عملات الأسواق الناشئة وفي مقدمتها اليوان الصيني والليرة التركية حالياً. لابد أن نوضح نقطتين :
أولاً , ان قوة الدولار الأمريكي ( DXY ) لم تظهرالا في الأربعة أشهر الأخيرة بينما كان قد مني بخسائر قاسية خلال العام الفائت وتراجع قرابة13%من مستويات 103 نقاط الى 89 نقطة مع بداية العام الجاري. اذاً هذا الارتفاع القوي بنسبة 8.5% تقريباً خلال أربعة أشهر فقط هو بالتأكيد مرتبط بعوامل فنية وأساسية. ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية عن دونها في بقية دول العالم( 2% حالياً) أوسع الفارق بين عوائد هذه الدول وأمريكا لصالح الدولار الأمريكي, كما أن الاقتصاد الأمريكي ( Micro - Macro ) يؤدي واحداً من افضل أرقامه منذ أكثر من عقدين, واليوم يبدو أن ترامب يحقق أداءً جيداً بالمجمل مع كل هذا اللغط السياسي والأمني وعلى مستوى العلاقات الدولية.عندما وصل مؤشر الدولارالأمريكي الى مستويات 89 نقطة مع بداية العام الجاري كانت هذه المستويات هي الأدنى منذ نهاية العام 2014 , والآن رفع الفائدة الأمريكية واقع حقيقي وليس مجرد توقعات أو تكهنات. الأسواق تقرأ القدرة على رفع الفائدة من قبل الفيدرالي , بينما عمليات التصحيح تبقى ضمن الاطار العادي لحركة السوق ودورة مؤشر الدولار الأمريكي وديناميكياته. التحدي الأكبر سيكون سياسياً , كما أن هذا الزخم قد يبدأ بالتباطؤ ولكن لا نعتقد بحدوثه قبل ستة أشهر .
ثانياً , لابد أن نعود مجدداً لعوائد سندات الخزينة الأمريكية والتي تعتبر معياراً حقيقياً لايجابية الأسواق و ارتفاع مخاطرها.هذه العوائد على سندات العشر سنوات حايلاً عند 2.88% وهي تراجعت من 3.10% التي وصلتها قبل ثلاثة أشهر عندما كانت التوقعات تشير الى عوائد أعلى (بنوك أمريكية كبرى توقعت حتى 4% ).هذه السندات مقومة بالدولارالأمريكي وبالتالي تراجع عوائدها يعني ارتفاع الطلب على شرائها من مستوياتها الحالية وهذا يدعم الدولارالأمريكي ولا يضعفه. الذي يحدث أن تراجع عوائد السندات الأمريكية قد يكون بسبب عمليات تحوط مبكرة تستغل أسعار السندات الرخيصة أولاً , وتتوقع حدوث تراجع في أداء الاقتصاد الأمريكي خلال المرحلة القادمة , لذلك علينا الحذ ومراقبتها جيداً.
فنياً لابد أن نتوقع عمليات تصحيح عادية على مؤشر الدولار الأمريكي تعيده مجدداً الى مستوى 96.23 نقطة ولكن التصحيح القوي يلزمه أكثر من مؤشرأو نقاط دعم ومقاومة .هذا يعني أن الشراء من مستويات متدنية على الذهب مثلاً يجب أن يكون تدريجياً وبصفقات لاتشكل انكشافاً خطيراً على السوق أو تحدياً لراس المال.وصل الذهب اليوم الى مستويات 1161.83$ للأونصة في آسيا فاتحاً الطريق الى مستويات الدعم القوية عند 1130$ . اذا حصل استقرار أكثر لليوان الصيني قد نرى مزيداً من الارتفاع على الذهب مع أن المؤشر الساعي لا يشير الى زخم في تصحيح الدولارالأمريكي / يوان .
